مطلوب قرار سياسي يضعها في أولوياته ... المرأة السورية تتقدم... وتتعثر بالقوانين!

المصدر: 
الحياة
بقلم بيسان البني مع تسارع الأحداث السياسة واحتلالها مكان الصادرة، تبدو أصوات الناشطين من أجل حقوق المرأة في سورية غير مسموعة بتاتاً، فيما تمتنع وسائل الإعلام عن فرد مساحة كافية لهذه الأصوات وما تحمله من هموم وآمال وطموحات. جمعية المبادرة الاجتماعية، لجان دعم قضايا المرأة، رابطة النساء السوريات وغيرها... جمعيات أهلية مخضرمة أو حديثة معنية بقضايا تهمّ المرأة، منها ما رُخّص له ومنها ما زال يبحث عن وجوده القانوني، ليبدو المشهد أشبه بالحراك الذي عرفته النشاطات النسائية خلال فترة الخمسينات في بدايات بحثها عن حقوقها وحريتها.
«لا بد من الاعتراف بأن المرأة السورية وبعد تاريخ طويل، حققت مشاركة مهمة في المجتمع. كما أظهرت مستوى رفيعاً من الأداء في كثير من الميادين كميدان السياسة والتعليم مثلاً»، تقول نوال يازجي، عضو الأمانة العامة في رابطة النساء السوريات حديثها، وتتابع: "شهدت السنوات الخمس الأخيرة ظهور جمعيات نسائية متنوعة ومهمة نجحت في طرح قضايا المرأة ضمن نصابها الاجتماعي والوطني المناسب. لكن يبقى الإشكال الأهم هو وضع المرأة القانوني بالنسبة الى الأسرة والمجتمع. إذ لا تزال قوانين الأحوال الشخصية والعقوبات وقوانين الجنسية تتعارض في شكل صارخ مع الدستور السوري الذي يكفل للمرأة المساواة التامة".

وأطلقت رابطة النساء السوريات منذ بداية عام 2004 حملة للمطالبة بتعديل قانون الجنسية السوري بما يكفل للمرأة الحق في منح الجنسية لأبنائها ونجحت في استقطاب وسائل الإعلام لطرح هذه المشكلة وعواقبها المؤلمة على الأسرة. وتقول اليازجي في هذا السياق: " التساؤل الذي يطرح نفسه، هو أنه إذا كان تعديل بسيط جداً لقانون يتعلق بحقّ المواطنة مثل قانون الجنسية تطلّب منا جهداً لأكثر من سنتين حتّى أنّه لم يقر إلى الآن، فماذا لو طرحت الحركة النسائية كل طموحاتها على أرض الواقع؟".

من جهتها، بدأت الهيئة السورية لشؤون الأسرة وهي تابعة مباشرة الى رئاسة مجلس الوزراء، عملها عام 2004 وهي اليوم الجهة الرسمية المعنية بالمساهمة الفعالة في قضايا المرأة والطفل. وتعمل الهيئة حالياً على وضع خطة وطنية لحماية المرأة من العنف بشراكة جهات حكومية وأهلية وهدفها في شكل أساس هو كسر حاجز الصمت حول قضية العنف واقتراح تعديلات لمواد قانونية تساهم في حماية المرأة. وتعتقد صباح حلاق منسقة شؤون المرأة في الهيئة أنّ " أهم محرك لتطوير وضع المرأة السورية هو تعديل القوانين". ويعتبر بسام القاضي مدير موقع " نساء سورية" الذي حضن أخيراً حملة وطنية لإلغاء القوانين التي تبيح جرائم الشرف، أنّ المرأة السورية "تحتاج أولاً إلى قرار سياسي يضعها في أولوياته إضافة إلى قانون أسرة عصري يكفل لها حقوقها الاجتماعية. كما ينقصها اتجاه واضح من الحكومة نحو تنمية المرأة الفقيرة وتغيير آلية تعاطي مؤسسات القطاع العام والخاص مع المرأة العاملة وعلى الأقل أن يعترف بحقها البسيط في العمل كإنسانة وشريك". ويستدرك السيد بسام القاضي: " ينقصنا أيضاً جدياً أن تعيد الحركات النسائية السورية تقويم تجربتها الحديثة نسبياً، هناك برأيي تراكم لكثير من الأخطاء التي تحتاج معالجة جديدة مع الأخذ في الاعتبار القوانين السيئة وضعف الامكانات. نحن بحاجة الى تغيير آليات عملنا الداخلية ولغة خطابنا أيضاً".