تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2005: الأنظمة والحركات الإسلامية قوتان تكبحان نهوض المرأة في العالم العربي

Source: 
القدس العربي
توقعت المديرة الإقليمية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في المنطقة العربية أمة العليم السوسوة أن يثير تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2005 والمقرر إعلانه يوم الخميس 7 كانون الاول (ديسمبر) في صنعاء، موجة من الاحتجاجات مشابهة للاحتجاجات التي أثارتها التقارير الثلاثة الأولي.
وقالت السوسوة خلال مؤتمر صحافي في لندن الثلاثاء الماضي إن التقرير الذي يحمل عنوان نحو نهوض المرأة في الوطن العربي سيكون الأخير ضمن سلسلة من 4 تقارير بدأت العام 2002، لكنها أكدت عزم البرنامج استكمال إصدار تقارير التنمية الإنسانية العربية، مشيرة الي أن البرنامج سيتوقف قليلا قبل بدء العمل في التقرير التالي، بهدف محاولة ترجمة توصيات التقارير الأربعة. لكنها لم تنف وجود بعض الضغوط بسبب الأزمة التي أثارها التقرير الثالث الذي تدخلت الولايات المتحدة ودول عربية لوقفه، بسبب تناوله قضايا الحريات والحكم الرشيد.

وأضافت إن التقرير الأخير تناول موضوعات شديدة الحساسية في العالم العربي وجاء حصيلة عمل باحثين مستقلين من خلفيات وجنسيات متنوعة وهي تجربة مميزة تستأهل التطوير ، موضحة أن التقرير يغطي العالم العربي كله بما فيه من ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية متباينة بين دولة واخري وأن البرنامج الانمائي لا يتبني أيا من وجهات النظر في التقرير. وعن سبب تغيير مكان إعلان التقرير من بيروت الي صنعاء، قالت السوسوة: كان يفترض ان يطلق من بيروت، إلا أن تدهور الأوضاع الامنية دفع بالمنظمة الدولية الي اختيار مدينة عربية اخري حتي لا نكون التزاما وعبئا اضافيا علي الحكومة اللبنانية. وقالت السوسوة إن التقرير الجديد لم يتجاهل قضايا رئيسية هي مثار جدل في العالم العربي، مثل الحجاب او الارهاب أو صعود التيارات الاسلامية وجرائم الشرف وغيرها، الا أنه أشار إليها في معرض الحفاظ علي شموليته ، وتضيف التقرير لا يشكل مسحا شاملا لكل اوضاع المرأة في العالم العربي بل خطوة رئيسية في طريق وضع اليد علي مكمن القضايا الرئيسية الخاصة بالمرأة .

وتشرح السوسوة أن التقرير يقدم صورة متباينة للنجاحات والإخفاقات في مجال حقوق المرأة في مختلف الدول العربية مما يحول دون امكان تصنيف هذه الدول لجهة أفضل أداء في مجال حقوق المرأة، إلا أن النجاح الأبرز يبقي في (مجال التعليم) والإخفاق الأكبر في مجال (المشاركة السياسية). ويكشف تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2005 أن أوضاع النساء في المنطقة العربية شهدت تقدماً جزئياً ، لكنها لا تزال تعاني تمييزاً في غالبية المجالات. مشيراً الي فجوة معرفية بين الإناث والذكور في المنطقة بسبب التمييز بين الجنسين في التعليم، ومع ذلك فقد تجاوز (علي سبيل المثال) عدد البنات المسجلات في المدارس في جميع مستويات التعليم بين عامي 2002 و2003 عدد الاولاد في عدة بلدان عربية منتجة للنفط وفي الأردن ولبنان وفلسطين وتونس.

ويري معدو التقرير أن هناك قوتين رئيسيتين مسيطرتين تكبحان نهوض المرأة في العالم العربي، هما: الأنظمة العلمانية القهرية التي عملت علي التلاعب بقضايا المرأة حسب مصالحها السياسية ، وصعود الحركات الإسلامية ، معتبرا ان الصعوبة الحقيقية التي واجهت الاسلاميين مع قضية المرأة لا ترتبط فقط بخطابهم ونظرتهم المحافظة ازاء مكانة المرأة وإنما في آيديولوجيتهم الاوسع علي حد تعبير التقرير الذي يميز بين الحركات السلفية وبين ما يصفه بـ التيارات الوسط معتبرا أن هذه الاخيرة حققت تطورا مهما عبر العقود الخمسة الماضية فيما يتصل بموقفها من بعض القضايا المجتمعية المصيرية تجاه احترام حقوق الانسان . ويعتبر التقرير ان هذه الحركات كانت في العديد من الحالات في طليعة حركة تمكين المرأة مضيفا إن معظم التيارات الإسلامية الوسط شهدت نموا ملحوظا في القيادة المتنورة ضمن الأجيال الأصغر سنا نسبيا .

وينظر التقرير الي المشاركة السياسية للمرأة (والذي بات أحد الشعارات المفضلة لدي الانظمة العربية) علي أنه عملية تجميلية ومجرد لافتة لتحسين صورة هذه الانظمة نظرا لعدم ارتباط هذه المشاركة بممارسة فعلية ومؤثرة للسلطة، وأشار ملخص التقرير الذي عرضه كبير معديه عالم الاجتماع المصري الدكتور نادر فرجاني، الي أن العمليات السياسية في البلدان العربية ما زالت بعيدة عن تمثيل المرأة ومتطلباتها وشواغلها ، علي رغم أن الضغط الاجتماعي أدي الي تحفيز تغييرات إيجابية معينة . غير أن دور المرأة في الحكومة ومراكز القرار ما زال مشروطاً وتجميلياً... ومشاركتها اتسمت بالطابع الرمزي... من دون مد التمكين الي القاعدة العريضة من النساء . لكنه لاحظ أن السنوات الأخيرة شهدت نهوضاً أوسع للنساء ، منوهاً بحصولهن علي حقي التصويت والترشح في غالبية البلدان العربية.

ودعا الي تخصيص حصص للنساء في المجالس المنتخبة، خصوصاً أن تمثيلهن في البرلمانات العربية أقل بنسبة 10 في المئة من المعدل العالمي. ويري التقرير ان دمج النساء في الاطر الرسمية الحكومية العربية جاء تحت ضغط متزايد من الغرب ومن المنظمات الدولية الا انه جاء مشروطا بالحفاظ علي حضور أبكم وجامد ورغم اشارة التقرير الي التقدم الكبير الذي احرزته النساء في الاعوام الماضية في مجال المشاركة السياسية كنيل المرأة العمانية والقطرية حق الترشيح للانتخابات البرلمانية (2003) وحصول المرأة الكويتية علي حقوقها السياسية الكاملة (2005) إلا ان هذه المشاركة لا تزال شكلية اكثر منها جوهرية.

ويري التقرير ان سلطة النساء اللواتي يتم تعيينهن في اعداد قليلة في مواقع القرار لا تعكس سلطة فعلية مؤثرة باعتبار ان تعيينهن يبقي محدودا بحقائب وزارية غير مؤثرة، مثل وزارتا شؤون المرأة والشؤون الاجتماعية، كما ان التعيين نفسه يعتمد علي الضغوط الداخلية والخارجية ويخضع لأهواء الرجال الذين يتخذون قرار التعيين. ويتوقف التقرير عند ما يراه تأثيرا ايجابيا لنظام الحصص في تمثيل النساء او ما يسمي بالتمييز الايجابي في تحقيق دمج مؤثر للنساء في البرلمانات في العراق والمغرب والاردن وتونس موصيا بـ تعميم هذا النظام في جميع ارجاء العالم العربي .

ويعتبر التقرير أن مؤشر المشاركة الاقتصادية هو الأكثر سوداوية، إذ أن معدل النشاط الاقتصادي للنساء العربيات هو أقل معدل في العالم، إذ يبلغ 33 في المئة. وأشار الي أن النساء نلن .نصيباً مزدوجاً من الانتهاكات الجسيمة تحت وطأة الاحتلالات الأجنبية . ورأي أنهن أصبحن أقرب الي المساواة القانونية ، علي رغم وجود بعض رواسب التحيز ، وأنهن يعانين درجة غير مقبولة من مخاطر المرض والوفاة المتصلة بوظائف الحمل والإنجاب ، مشيراً الي أن معدل الوفيات أثناء الولادة يراوح بين 270 وألف حالة بين كل مئة ألف في البلدان العربية.