التمييز في كتب "القراءة والتربية الوطنية والتنشئة المدنية" في لبنان: مقاربة على أساس النوع الاجتماعي.
Source:
مجلة الثرى بقلم سالي ثريا:
انطلاقاً من الاهتمام الذي توليه اللجنة الأهلية لمتابعة قضايا المرأة للعملية التعليمية في لبنان ودورها في نقل الثقافة المجتمعية، ولمدى تأثيرها على معتقدات وقيم سلوك الأطفال، قامت اللجنة بدعم برنامج أفكار الذي يموله الاتحاد الأوربي ويديره مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية وذلك لإلقاء الضوء على القوالب التمييزية في الكتب المدرسية وبخاصة التمييز في كتب القراءة والتربية الوطنية والتنشئة المدنية في المرحلة الابتدائية لأنها لا تزال تعزز الأدوار التقليدية السائدة في المجتمع.
انطلاقاً من الاهتمام الذي توليه اللجنة الأهلية لمتابعة قضايا المرأة للعملية التعليمية في لبنان ودورها في نقل الثقافة المجتمعية، ولمدى تأثيرها على معتقدات وقيم سلوك الأطفال، قامت اللجنة بدعم برنامج أفكار الذي يموله الاتحاد الأوربي ويديره مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية وذلك لإلقاء الضوء على القوالب التمييزية في الكتب المدرسية وبخاصة التمييز في كتب القراءة والتربية الوطنية والتنشئة المدنية في المرحلة الابتدائية لأنها لا تزال تعزز الأدوار التقليدية السائدة في المجتمع.
وقد شمل المشروع مرحلتين حسب ما أشارت الدكتورة أمان كبارة شعراني رئيسة اللجنة الأهلية لمتابعة قضايا المرأة: المرحلة الأولى: دراسة مسحية لكتب اللغة العربية والتنشئة الوطنية والتربية المدنية في المرحلة الابتدائية على أساس مقاربة جندرية، أي التعرف على واقع الأدوار الجندرية (النوع الاجتماعي) الذي تفرضه الكتب المدرسية التعليمية الأساسية في لبنان. وقد قامت بهذه الدراسة الباحثتان الدكتورة أمان كبارة شعراني والدكتورة فهمية شرف الدين بمساعدة هنادي حسون وفاطمة الزغبي.
وتأتي أهمية هذه الدراسة في محاولتها لإستكشاف الأدوار الجندرية (ذكوراً وإناثاً) وليست فقط دراسة صورة المرأة وإنما مقاربتها مع صورة الرجل.
- المرحلة الثانية من المشروع جاءت على دورتين تدريبتين للمعلمين والمعلمات في المرحلة الابتدائية، استمرت كل منها أربعة أيام، لتزويدهم، بمعارف ومهارات تتعلق بالجندر والتنمية، والتحليل والتخطيط الجندري، وشملت هذه الدورات تدريب المعلمين والمعلمات على تحليل النصوص في الكتب على أساس جندري وعلى كتابة نصوص جديدة على أساس الرؤية الجندرية.
وقد ألقى وزير التربية والتعليم العالي في لبنان خالد قباني كلمة خلال المؤتمر الصحفي نوه فيه بما تضمنته الدراسة، والذي يصلح أن يكون شعاراً للمرحلة المقبلة وهو أن مفهوم التنمية الشامل هو أن يحصل كل فرد أنثى أو ذكر على فرص متساوية ومتكافئة، وأن توفر لكل منهما الظروف المناسبة للتمكن من الإنتاج، وكذلك الوسائل الثقافية والتعليمة والمادية للمشاركة في اتخاذ القرار والتحكم في الموارد التي تعنيهم. فيما جاء في كلمة منسقة مشروع برنامج أفكار السيدة يمنى شكر غريب ممثلة وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، أنه إذا كان هذا المشروع يبدأ من عمل رؤيوي أكاديمي وتربوي، فإنه يشكل خطوة تجدر متابعتها على صعيد التنفيذ وتأمين الإستدامة لها كي تكون فاعلة. أما الدكتورة فهمية شرف الدين فقد اعتبرت أن الأهمية الفعلية لمفهوم الجندر تكمن في كونه أنجز فصلاً عاماً ما بين الثابت والمتغير في العلاقة ما بين الرجل والمرأة، فإذا كانت البيولوجيا موضوعاً ثابتاً لا يتأثر بالأدوار الإنسانية، فإن الأدوار الاجتماعية التي تنتجها العناصر المادية والمعنوية في المجتمع أي علاقات القوة، هي ليست تلقائية وإنما هي منظمة حسب الثقافات التاريخية المختلفة وهي بهذا المعنى قابلة للتغيير بحسب هذه الثقافات في زمن معين ومكان معين. ثم أشارت إلى أن تقسيم الأدوار بين النساء والرجال يتأسس على التطورات التي ينتجها المجتمع بتأثير التقاليد ونظام القيم السائدة، وإن هذه التصورات ترسم حدود الإنتظارات لكل واحد منهم. على أن هذه الإنتظارات تنتج عن التكيف الاجتماعي الذي يبدأ في الأسرة والمؤسسات الاجتماعية الأخرى (المدرسة، وسائل الإعلام) أي أنها نتيجة لعمل المنظومة التربوية التي تنظم قواعد الضبط والسلوك الاجتماعي على وقع نظام القيم كما أنها نتيجة للمنظومة الحقوقية التي ترسم حدود المسؤولية بما تتضمنه من حقوق وواجبات.
وتعتبر الأدوار الثلاثة، الدور الإنجابي والدور الإنتاجي والدور التنظيمي أو السياسي هي الأدوار الأساسية التي تنتظم داخلها قضايا النوع الإجتماعي. وتحدثت الدكتورة فهمية كذلك عن أهداف الدراسة التي تحددت في أربع مستويات:
-المستوى الأول: ويهدف إلى التعرف على المحتوى (الجندري) لمجموعة الكتب موضوع البحث.
- المستوى الثاني: التعرف على الصور النمطية التي تقدمها هذه الكتب والرسائل التي تبثها عبر هذه الصور.
- المستوى الثالث: مراقبة اللغة المستخدمة في الكتب وتحليلها على أساس النوع الاجتماعي.
المستوى الرابع: صياغة توصيات ومقترحات عملية تسهم في تطوير المناهج باتجاه المساواة المطلوبة بين الجنسين.
1- الصورة العامة للمرأة في الكتب المدرسية:
إن الصورة العامة التي احتوتها الكتب المدرسية -عينة هذه الدراسة- لا تبتعد كثيراً عن الصور التي نعرفها ونتعامل معها يومياً. لقد احتل الذكور مركز الصدارة في اللغة العربية والصور والأسئلة والتمارين والتوجيه، واحتلت الأنثى مكاناً هامشياً فجاء التركيز على الذكور في الأسئلة الموجهة إلى التلاميذ، وجاءت أكثر الصور للذكور، ووردت الأمثلة في الصور وفي التمارين بأكثريتها للذكور. لقد تمثلت صورة المرأة بالعاطفة والحنان، وكأنها مرتبطة بالإناث دون الرجال، كما ارتبطت بشكل رئيسي في دور الأم فهو المجال الرئيسي الذي تكرس فيه العاطفة ودور الأخت التي تحن على إخوتها وأخواتها، وظهر التمييز واضحاً بين الجنسين. وقد يكون هناك إيجابية كحنان الأم وعاطفتها مع الأطفال ولكن المشكلة تكمن في أن صورتها كانت لدرجة كبيرة مقتصرة على ذلك مما أدى إلى غياب التوازن بين الصور المعبرة عن المرأة الرجل. فالنظافة والمحافظة عليها والمثابرة كانت من الصفات والأدوار الأنثوية في تلك الكتب وكانت صورة الأنثى مرتبطة بنوعية الأعمال التي يمكنها القيام بها وتتناسب مع طبيعتها، ولا تزال النصوص في عينة الدراسة والصور واللغة تتطلب ذلك، مما يؤثر بدوره على التوقعات والتطورات في أذهان التلاميذ والتلميذات فمثلاً ظهر العمل في تلك الكتب كأنه حكر للذكور والأنثى تشارك فيه مشاركة بسيطة واقتصر دورها في مهن كالتمريض والخياطة.
وابتعد دورها عن التجارة وجمع المال، وعن العلم والتخطيط والتكنولوجيا. ورغم بعض النصوص المتوازية التي وردت في الكتب، لكن التركيز على التوجيه للانتماء، والمواطنة والمشاركة في الشأن العام وفي خدمة العلم والدفاع عن الوطن كان للذكور. وظهر واضحا في كتب التربية الوطنية والتنشئة المدنية غياب أي توجيه للإناث إلى المشاركة في السلطات التشريعية والتنفيذية، وفي الإدارات العامة كما ظهر غياب للإناث في دور مواجهة العدو الإسرائيلي مع العلم إلى هناك شهيدات ضحين في حياتهن في سبيل وطنهن وحمايته من العدو ولا غرر في ذلك فالنشيد الوطني لا يزال إلى اليوم خالياً من أي دور لذكر الإناث إنما اقتصر فقط على ذكر الذكور.
لقد غابت الإناث عن المشاركة في أدوار العمل الجماعي وعن أدوار اتخاذ القرار ورئاسة النوادي وأعمال البلديات واقتصر التشجيع للذكور في الانخراط في مؤسسات المجتمع المدني، وقد اتخذ المثل على الصفة الذكورية من حيث التعامل مع الآخر والانفتاح على الآخرين، كما اعتبر أن الذكر هو المسؤول عن حفظ التراث وهو الحامل للعادات والتقاليد لينقلها إلى أبنائه.
كما غابت الإناث عن الموضوعات المتصلة بالمسؤولية فلم تتم الإشارة مثلاً إلى مسؤوليتها عن حياة الأسرة الاقتصادية وما تقتضيه من ضبط وإدارة للإنفاق والإشراف على ميزانية الأسرة.
وإذا كانت بعض الصور الإيجابية قد زينت صفحات بعض الكتب فظهرت المرأة طالبة مرات كثيرة 93 معلمة- 27 طالبة إلا أنها لم تظهر عالمة إلا مرة واحدة ومرة واحدة مستخدمة للكمبيوتر ومرة واحدة موظفة إدارية ومرة واحدة صيادة و3 مرات مضيفة طيران وخياطة مرتين وكفنانة 9 مرات وكرسامة مرة واحدة وقد غابت الإناث في تلك الكتب عن الرياضة والأعمال الكشفية.
وظلت الصورة التقليدية أي صورة المرأة التابعة للرجل التي تمشي خلفه مع أولادها وتحمل على رأسها سلة كبيرة من الفاكهة وغيرها من الحاجات. وكانت هذه الصورة هي الغالبة.
2- تحليل الصورة العامة للرجل في الكتب المدرسية:
كان للرجل حضور مكثف في الكتب المدرسية في هذه العينة.
الصورة العامة للرجل ظهرت في الكتب تظهره بصورة البطل ورب الأسرة ومالك للموارد المالية وقادر على تشغيلها والتصرف بها وكمعيل موجه للأسرة ومدير لشؤونها وصورة للقيادي صاحب الإرادة المتكفل القادر على إنجاز العمل.
وجاءت صور له أيضاً حاملاً لصفات الذكاء والطموح والحكمة والقوة والشجاعة والجرأة والحكمة.
فالتوقعات التي عكستها صورة الذكور، هي البطولة والاستشهاد والعقلانية والإبداع، وكل الصور التي تظهر الرجل محرراً للحياة.
ويمكن القول أن التوقعات التي تعكسها الكتب المدرسية تقليدية، وتتناقض مع الصورة الحقيقية التي تمارسها الأنثى في انخراطها في الشأن العام ومشاركتها.
3- أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة:
1- تبلغ نسبة الأدوار الذكورية حسب المناهج في اللغة العربية للمرحلة الابتدائية 78.15% تقابلها 21.85% للأدوار الأنثوية. بينما بلغت نسبة الأدوار الجندرية الذكورية حسب منهاج التنشئة الوطنية 83.99% مقابل 19.31% أنثوية.
2- ركزت توقعات الأدوار الجندرية للذكور في الكتب المدرسية على العقلانية 81.97% مقابل 18.03% للإناث، على الاستقلالية للذكور 83.95% مقابل 16.05% للإناث، على القيادة 94.29% مقابل 5.71% للإناث.
3- تبين أن اللغة المستخدمة في كتاب اللغة العربية بلغت نسبتها 60.7% للذكور مقابل 13.49% أنثوية.
4- تشير نتائج تحليل الصور والرسوم أنه من أصل (3409) صورة، أن الكتب المدرسية تحتوي على (2398) صورة للذكور و(1011) صورة للإناث، والباقي على شخوص مختلفة.
إن أهمية ما توصلت إليه الدراسة يؤكد فرضياتنا حول غياب البعد الجندري عند وضع المناهج التعليمية. وإن تغيير هذه الصور يتطلب إجراءات تدخلية، لعل أهمها تضمين المناهج التعليمية الأسس النظرية والفلسفية لرؤية جندرية متوازنة بين الرجل والمرأة.
4- مقترحات وتوصيات:
1- استكمال عملية التحديث والتقييم التربوي للمناهج، بوضع معايير جديدة لتغيير واقع الصورة الجندرية الموجودة حالياً في كل المراحل التعليمية في المناهج التعليمية الابتدائية والثانوية.
2- استخدام اللغة المتوازنة في هذه الكتب المدرسية بين الجنسين، حتى تشعر النساء بقيمتهن كمواطنات مسؤولات.
3- ضرورة التركيز على قضايا المرأة وحقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمع وفي المناهج والكتب المدرسية.
4- القيام بدراسات أخرى حول الوقوف على الوعي الجندري، وتعميم المعرفة حوله بين الطلاب والطالبات في جميع المراحل.
5- عقد دورات تدريبية للمعلمين والمعلمات ومؤلفي ومؤلفات الكتب وأعضاء وعضوات لجان المناهج للكتب المدرسية من أجل التوعية الجندرية.
6- وضع دليل تدريبي للجندر للمعلمين والمعلمات لاستخدامه في التوعية الجندرية.
وتأتي أهمية هذه الدراسة في محاولتها لإستكشاف الأدوار الجندرية (ذكوراً وإناثاً) وليست فقط دراسة صورة المرأة وإنما مقاربتها مع صورة الرجل.
- المرحلة الثانية من المشروع جاءت على دورتين تدريبتين للمعلمين والمعلمات في المرحلة الابتدائية، استمرت كل منها أربعة أيام، لتزويدهم، بمعارف ومهارات تتعلق بالجندر والتنمية، والتحليل والتخطيط الجندري، وشملت هذه الدورات تدريب المعلمين والمعلمات على تحليل النصوص في الكتب على أساس جندري وعلى كتابة نصوص جديدة على أساس الرؤية الجندرية.
وقد ألقى وزير التربية والتعليم العالي في لبنان خالد قباني كلمة خلال المؤتمر الصحفي نوه فيه بما تضمنته الدراسة، والذي يصلح أن يكون شعاراً للمرحلة المقبلة وهو أن مفهوم التنمية الشامل هو أن يحصل كل فرد أنثى أو ذكر على فرص متساوية ومتكافئة، وأن توفر لكل منهما الظروف المناسبة للتمكن من الإنتاج، وكذلك الوسائل الثقافية والتعليمة والمادية للمشاركة في اتخاذ القرار والتحكم في الموارد التي تعنيهم. فيما جاء في كلمة منسقة مشروع برنامج أفكار السيدة يمنى شكر غريب ممثلة وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، أنه إذا كان هذا المشروع يبدأ من عمل رؤيوي أكاديمي وتربوي، فإنه يشكل خطوة تجدر متابعتها على صعيد التنفيذ وتأمين الإستدامة لها كي تكون فاعلة. أما الدكتورة فهمية شرف الدين فقد اعتبرت أن الأهمية الفعلية لمفهوم الجندر تكمن في كونه أنجز فصلاً عاماً ما بين الثابت والمتغير في العلاقة ما بين الرجل والمرأة، فإذا كانت البيولوجيا موضوعاً ثابتاً لا يتأثر بالأدوار الإنسانية، فإن الأدوار الاجتماعية التي تنتجها العناصر المادية والمعنوية في المجتمع أي علاقات القوة، هي ليست تلقائية وإنما هي منظمة حسب الثقافات التاريخية المختلفة وهي بهذا المعنى قابلة للتغيير بحسب هذه الثقافات في زمن معين ومكان معين. ثم أشارت إلى أن تقسيم الأدوار بين النساء والرجال يتأسس على التطورات التي ينتجها المجتمع بتأثير التقاليد ونظام القيم السائدة، وإن هذه التصورات ترسم حدود الإنتظارات لكل واحد منهم. على أن هذه الإنتظارات تنتج عن التكيف الاجتماعي الذي يبدأ في الأسرة والمؤسسات الاجتماعية الأخرى (المدرسة، وسائل الإعلام) أي أنها نتيجة لعمل المنظومة التربوية التي تنظم قواعد الضبط والسلوك الاجتماعي على وقع نظام القيم كما أنها نتيجة للمنظومة الحقوقية التي ترسم حدود المسؤولية بما تتضمنه من حقوق وواجبات.
وتعتبر الأدوار الثلاثة، الدور الإنجابي والدور الإنتاجي والدور التنظيمي أو السياسي هي الأدوار الأساسية التي تنتظم داخلها قضايا النوع الإجتماعي. وتحدثت الدكتورة فهمية كذلك عن أهداف الدراسة التي تحددت في أربع مستويات:
-المستوى الأول: ويهدف إلى التعرف على المحتوى (الجندري) لمجموعة الكتب موضوع البحث.
- المستوى الثاني: التعرف على الصور النمطية التي تقدمها هذه الكتب والرسائل التي تبثها عبر هذه الصور.
- المستوى الثالث: مراقبة اللغة المستخدمة في الكتب وتحليلها على أساس النوع الاجتماعي.
المستوى الرابع: صياغة توصيات ومقترحات عملية تسهم في تطوير المناهج باتجاه المساواة المطلوبة بين الجنسين.
1- الصورة العامة للمرأة في الكتب المدرسية:
إن الصورة العامة التي احتوتها الكتب المدرسية -عينة هذه الدراسة- لا تبتعد كثيراً عن الصور التي نعرفها ونتعامل معها يومياً. لقد احتل الذكور مركز الصدارة في اللغة العربية والصور والأسئلة والتمارين والتوجيه، واحتلت الأنثى مكاناً هامشياً فجاء التركيز على الذكور في الأسئلة الموجهة إلى التلاميذ، وجاءت أكثر الصور للذكور، ووردت الأمثلة في الصور وفي التمارين بأكثريتها للذكور. لقد تمثلت صورة المرأة بالعاطفة والحنان، وكأنها مرتبطة بالإناث دون الرجال، كما ارتبطت بشكل رئيسي في دور الأم فهو المجال الرئيسي الذي تكرس فيه العاطفة ودور الأخت التي تحن على إخوتها وأخواتها، وظهر التمييز واضحاً بين الجنسين. وقد يكون هناك إيجابية كحنان الأم وعاطفتها مع الأطفال ولكن المشكلة تكمن في أن صورتها كانت لدرجة كبيرة مقتصرة على ذلك مما أدى إلى غياب التوازن بين الصور المعبرة عن المرأة الرجل. فالنظافة والمحافظة عليها والمثابرة كانت من الصفات والأدوار الأنثوية في تلك الكتب وكانت صورة الأنثى مرتبطة بنوعية الأعمال التي يمكنها القيام بها وتتناسب مع طبيعتها، ولا تزال النصوص في عينة الدراسة والصور واللغة تتطلب ذلك، مما يؤثر بدوره على التوقعات والتطورات في أذهان التلاميذ والتلميذات فمثلاً ظهر العمل في تلك الكتب كأنه حكر للذكور والأنثى تشارك فيه مشاركة بسيطة واقتصر دورها في مهن كالتمريض والخياطة.
وابتعد دورها عن التجارة وجمع المال، وعن العلم والتخطيط والتكنولوجيا. ورغم بعض النصوص المتوازية التي وردت في الكتب، لكن التركيز على التوجيه للانتماء، والمواطنة والمشاركة في الشأن العام وفي خدمة العلم والدفاع عن الوطن كان للذكور. وظهر واضحا في كتب التربية الوطنية والتنشئة المدنية غياب أي توجيه للإناث إلى المشاركة في السلطات التشريعية والتنفيذية، وفي الإدارات العامة كما ظهر غياب للإناث في دور مواجهة العدو الإسرائيلي مع العلم إلى هناك شهيدات ضحين في حياتهن في سبيل وطنهن وحمايته من العدو ولا غرر في ذلك فالنشيد الوطني لا يزال إلى اليوم خالياً من أي دور لذكر الإناث إنما اقتصر فقط على ذكر الذكور.
لقد غابت الإناث عن المشاركة في أدوار العمل الجماعي وعن أدوار اتخاذ القرار ورئاسة النوادي وأعمال البلديات واقتصر التشجيع للذكور في الانخراط في مؤسسات المجتمع المدني، وقد اتخذ المثل على الصفة الذكورية من حيث التعامل مع الآخر والانفتاح على الآخرين، كما اعتبر أن الذكر هو المسؤول عن حفظ التراث وهو الحامل للعادات والتقاليد لينقلها إلى أبنائه.
كما غابت الإناث عن الموضوعات المتصلة بالمسؤولية فلم تتم الإشارة مثلاً إلى مسؤوليتها عن حياة الأسرة الاقتصادية وما تقتضيه من ضبط وإدارة للإنفاق والإشراف على ميزانية الأسرة.
وإذا كانت بعض الصور الإيجابية قد زينت صفحات بعض الكتب فظهرت المرأة طالبة مرات كثيرة 93 معلمة- 27 طالبة إلا أنها لم تظهر عالمة إلا مرة واحدة ومرة واحدة مستخدمة للكمبيوتر ومرة واحدة موظفة إدارية ومرة واحدة صيادة و3 مرات مضيفة طيران وخياطة مرتين وكفنانة 9 مرات وكرسامة مرة واحدة وقد غابت الإناث في تلك الكتب عن الرياضة والأعمال الكشفية.
وظلت الصورة التقليدية أي صورة المرأة التابعة للرجل التي تمشي خلفه مع أولادها وتحمل على رأسها سلة كبيرة من الفاكهة وغيرها من الحاجات. وكانت هذه الصورة هي الغالبة.
2- تحليل الصورة العامة للرجل في الكتب المدرسية:
كان للرجل حضور مكثف في الكتب المدرسية في هذه العينة.
الصورة العامة للرجل ظهرت في الكتب تظهره بصورة البطل ورب الأسرة ومالك للموارد المالية وقادر على تشغيلها والتصرف بها وكمعيل موجه للأسرة ومدير لشؤونها وصورة للقيادي صاحب الإرادة المتكفل القادر على إنجاز العمل.
وجاءت صور له أيضاً حاملاً لصفات الذكاء والطموح والحكمة والقوة والشجاعة والجرأة والحكمة.
فالتوقعات التي عكستها صورة الذكور، هي البطولة والاستشهاد والعقلانية والإبداع، وكل الصور التي تظهر الرجل محرراً للحياة.
ويمكن القول أن التوقعات التي تعكسها الكتب المدرسية تقليدية، وتتناقض مع الصورة الحقيقية التي تمارسها الأنثى في انخراطها في الشأن العام ومشاركتها.
3- أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة:
1- تبلغ نسبة الأدوار الذكورية حسب المناهج في اللغة العربية للمرحلة الابتدائية 78.15% تقابلها 21.85% للأدوار الأنثوية. بينما بلغت نسبة الأدوار الجندرية الذكورية حسب منهاج التنشئة الوطنية 83.99% مقابل 19.31% أنثوية.
2- ركزت توقعات الأدوار الجندرية للذكور في الكتب المدرسية على العقلانية 81.97% مقابل 18.03% للإناث، على الاستقلالية للذكور 83.95% مقابل 16.05% للإناث، على القيادة 94.29% مقابل 5.71% للإناث.
3- تبين أن اللغة المستخدمة في كتاب اللغة العربية بلغت نسبتها 60.7% للذكور مقابل 13.49% أنثوية.
4- تشير نتائج تحليل الصور والرسوم أنه من أصل (3409) صورة، أن الكتب المدرسية تحتوي على (2398) صورة للذكور و(1011) صورة للإناث، والباقي على شخوص مختلفة.
إن أهمية ما توصلت إليه الدراسة يؤكد فرضياتنا حول غياب البعد الجندري عند وضع المناهج التعليمية. وإن تغيير هذه الصور يتطلب إجراءات تدخلية، لعل أهمها تضمين المناهج التعليمية الأسس النظرية والفلسفية لرؤية جندرية متوازنة بين الرجل والمرأة.
4- مقترحات وتوصيات:
1- استكمال عملية التحديث والتقييم التربوي للمناهج، بوضع معايير جديدة لتغيير واقع الصورة الجندرية الموجودة حالياً في كل المراحل التعليمية في المناهج التعليمية الابتدائية والثانوية.
2- استخدام اللغة المتوازنة في هذه الكتب المدرسية بين الجنسين، حتى تشعر النساء بقيمتهن كمواطنات مسؤولات.
3- ضرورة التركيز على قضايا المرأة وحقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمع وفي المناهج والكتب المدرسية.
4- القيام بدراسات أخرى حول الوقوف على الوعي الجندري، وتعميم المعرفة حوله بين الطلاب والطالبات في جميع المراحل.
5- عقد دورات تدريبية للمعلمين والمعلمات ومؤلفي ومؤلفات الكتب وأعضاء وعضوات لجان المناهج للكتب المدرسية من أجل التوعية الجندرية.
6- وضع دليل تدريبي للجندر للمعلمين والمعلمات لاستخدامه في التوعية الجندرية.