الناصرة: منطلقات الحملة الاعلامية لحقوق المرأة واستراتجيتها
Source:
جمعية نساء ضد العنف أطلقت جمعية نساء ضد العنف، ضمن مشروع "حقوق المرأة"، حملة إعلامية واسعة النطاق تسعى من خلالها إلى محاورة المجتمع بمركباته كافة في ضرورة إحقاق حقوق المرأة كما هي مدرجة في المواثيق الدولية. وهذه الحملة الأولى من نوعها في المجتمع الفلسطيني داخل البلاد من حيث شموليتها ومضامينها واستراتيجيتها ووسائل الإعلام المستخدمة فيها . وهي غير مسبوقة، أيضا، في عزمها على "تسويق" قيم اجتماعية وإنتاج خطاب بديل يختلف عن الخطاب المهيمن فيما يتعلق بتعامل المجتمع مع المرأة وحقوقها.
تعتمد الحملة استراتيجية الحوار العقلاني كوسيلة اتصال ثنائية الاتجاه لطرح موضوعاتها للحوار داخل المجتمع بما يتعلق بإحقاق المرأة. لم تعتمد الحملة أساليب واستراتجيات التسويق التقليدي أساسا لها رغم استعمالها لبعض من تكتيكاتها . فلم يشأ القيمون على الحملة أن يزيدوا من الظلم الواقع على المتلقي، وهو هنا المجتمع، الذي يعاني من هجمات كاسحة للحملات الدعائية التسويقية . فالحملات الإعلانية للمنتوجات والسلع التجارية تعتمد في الغالب استراتجيات تتبنى خطابا أحادي الاتجاه يتوجّه إلى العواطف والغرائز بهدف حثّ المستهلك على اقتناء المنتوجات . ومن هنا نجد التسويق التجاري ساعيا إلى خلق توترات استهلاكية وعدم رضى لدى المتلقي أو المستهلك من أمور تتعلق بحياته اليومية مثل مكانته الاجتماعية ومظهرة وهويته وسعادته، ومن ثم إقناعة بأن الطريقة المثلى للتغلب على التوتّر وعدم الرضى هي شراء السلعة أو المنتوج المعين. ومن فإن المنتوجات التجارية أصبحت أكثر من مجرد منتوج يسدّ الحاجة التي صنع من أجلها، فاقتناء هاتف نقال أو بطاقة اعتماد أو سيارة من نوع معين يعني اقتناء أسلوب حياة أفضل أو مركز اجتماعي أرقى أو إنه يضم المشتري لنادي أناس متميزين يملكون هذا النوع من المنتوج أو ذاك، وغيرها من أوهام أخرى. تزداد هذه العملية حدة وتصبح أكثر فاعلية في مجتمع مقهور يبحث عن هويته، ويبحث عن متنفس لسوء شروط حياته إذ يسهل على الإعلان التجاري ان يهزم مستهلكا ضعيفا يعاني من توتر وجودي خلفته ظروفه التاريخية والسياسية والاجتماعية . ويكون من السهل أن يستسلم المستهلك لإغراءات الخروج من دوامة تناقضاته الواعية أو اللاواعية ولو لفترة محدودة.
ان الاستراتيجية السوية في مثل هذه الحملة هي الحوار الذي يعتمد على المنطق والعقلانية , فالتغيير الاجتماعي لا يحدث، وفق التجربة، إلا نتيجة حوار جدي داخل المجتمع يولّد القناعة بإحقاق حقوق المرأة. وهذه "القناعة" غير متوفّرة كسلعة تسوّقها الحملة الإعلامية إنما تطرح كخيار يمكن أن يتوصل إليه المجتمع عن طريق الوعي والفعل. لم تستخدم الحملة شعارات أحادية الاتجاه في مخاطبتها المجتمع إنما تطلب الحوار الدائم معه . لم تطلق الحملة الشعارات لأنها إحدى أدوات السيطرة التي طالما عانى منها المجتمع المقهور والمرأة فيه بوجه خاص في مناسبات عديد . فالشعارات لا يمكن أن تصبح بين ليلة وضحاها أدوات للتغيير الاجتماعي. من هنا تتميز مضامين الحملة ونصوصها بأنها تبعث على التفكير تحترم المجتمع بكافة مركباته وتطرح مواضيع الحملة للحوار بعقلانية ومنطق. لذا تبدو النصوص والمضامين في وسائل الإعلام طويلة نسبيا وهذا ما يميز الاعلام الاجتماعي الذي يصبو لخلق تفاهم ندي بوسيلة اتصال ثنائية الاتجاه مع المجتمع .
في مجتمعنا المركب يتواجد القاهرون والمقهورون داخل دوائر مختلفة ومتقاطعة في آن واحد، ينتج هذا واقعا جديدا يتحول فيه القاهر إلى مقهور والمقهور إلى قاهر وكأنهم يلعبان على شبكة رسوم بيانيه متقاطعة تتغير فيها وظائفهم حسب الخصم الذي يقف أمامهم ومن حولهم في كل حالة فمثلا: التركيبه الجندرية التي يمثل الرجل فيها المجموعة القاهرة والمرأة المجموعة المقهورة والتي يقبع كلاهما تحت سقف قهر الدولة ومؤسساتها، يصبح القهر الواقع على المرأة مضاعفا. ولا ننسى وجود دوائر قهر أخرى مثل الموروث الاجتماعي والقيم المجتمعية السائدة التي تنتج منضومات قهرأخرى على المراة والرجل في الوقت ذاته فيما تكون على المرأة أكثر حدة. وكما جزم الفيلسوف التربوي البرازيلي باولو فيريري فإن وجود علاقة تقوم على القهر يعني بالضرورة وجود علاقة يسودها العنف واللا انسنة ضد المقهور تمنعه من تحقيق كامل إنسانيته. هذا فيما اثبتت آليات التغيير في مجتمعات مختلفة في العالم إن المقهور هو الوحيد القادر على استعادة إنسانيته بواسطة عزمه على ترميمها والتخلص من تذويت القهر داخله أولا . كما إن المقهور هو الوحيد القادر على ترميم إنسانية قاهريه أي تحرير أنفسهم وتحرير قاهريهم في الوقت نفسه لان القاهرين بفضل ما يتمتعون به من قوة لا يملكون القدرة لتحرير المقهورين او تحرير أنفسهم إذ أن القوة التي تنبع من ضعف المقهورين هي الكفيلة بتحرير كلاهما.
من هنا تأتي الحملة لكي تخلق الحوار الذي من شأنه أن يرمم إنسانية المرأة والرجل معا، من منظومات القهر التي يفرضها المجتمع والدولة إذن، فهي مهمة مزدوجة فيها الرجل والمرأة شريكين في عملية التغيير المراد إحداثها.
للمشاركة بردود فعل على الحملة يمكن الدخول إلى موقع الجمعية على شبكة الانترنت www.wavo.org
بقلم محمود أسعد منسق أعلامي لحملة حقوق المرأة
ان الاستراتيجية السوية في مثل هذه الحملة هي الحوار الذي يعتمد على المنطق والعقلانية , فالتغيير الاجتماعي لا يحدث، وفق التجربة، إلا نتيجة حوار جدي داخل المجتمع يولّد القناعة بإحقاق حقوق المرأة. وهذه "القناعة" غير متوفّرة كسلعة تسوّقها الحملة الإعلامية إنما تطرح كخيار يمكن أن يتوصل إليه المجتمع عن طريق الوعي والفعل. لم تستخدم الحملة شعارات أحادية الاتجاه في مخاطبتها المجتمع إنما تطلب الحوار الدائم معه . لم تطلق الحملة الشعارات لأنها إحدى أدوات السيطرة التي طالما عانى منها المجتمع المقهور والمرأة فيه بوجه خاص في مناسبات عديد . فالشعارات لا يمكن أن تصبح بين ليلة وضحاها أدوات للتغيير الاجتماعي. من هنا تتميز مضامين الحملة ونصوصها بأنها تبعث على التفكير تحترم المجتمع بكافة مركباته وتطرح مواضيع الحملة للحوار بعقلانية ومنطق. لذا تبدو النصوص والمضامين في وسائل الإعلام طويلة نسبيا وهذا ما يميز الاعلام الاجتماعي الذي يصبو لخلق تفاهم ندي بوسيلة اتصال ثنائية الاتجاه مع المجتمع .
في مجتمعنا المركب يتواجد القاهرون والمقهورون داخل دوائر مختلفة ومتقاطعة في آن واحد، ينتج هذا واقعا جديدا يتحول فيه القاهر إلى مقهور والمقهور إلى قاهر وكأنهم يلعبان على شبكة رسوم بيانيه متقاطعة تتغير فيها وظائفهم حسب الخصم الذي يقف أمامهم ومن حولهم في كل حالة فمثلا: التركيبه الجندرية التي يمثل الرجل فيها المجموعة القاهرة والمرأة المجموعة المقهورة والتي يقبع كلاهما تحت سقف قهر الدولة ومؤسساتها، يصبح القهر الواقع على المرأة مضاعفا. ولا ننسى وجود دوائر قهر أخرى مثل الموروث الاجتماعي والقيم المجتمعية السائدة التي تنتج منضومات قهرأخرى على المراة والرجل في الوقت ذاته فيما تكون على المرأة أكثر حدة. وكما جزم الفيلسوف التربوي البرازيلي باولو فيريري فإن وجود علاقة تقوم على القهر يعني بالضرورة وجود علاقة يسودها العنف واللا انسنة ضد المقهور تمنعه من تحقيق كامل إنسانيته. هذا فيما اثبتت آليات التغيير في مجتمعات مختلفة في العالم إن المقهور هو الوحيد القادر على استعادة إنسانيته بواسطة عزمه على ترميمها والتخلص من تذويت القهر داخله أولا . كما إن المقهور هو الوحيد القادر على ترميم إنسانية قاهريه أي تحرير أنفسهم وتحرير قاهريهم في الوقت نفسه لان القاهرين بفضل ما يتمتعون به من قوة لا يملكون القدرة لتحرير المقهورين او تحرير أنفسهم إذ أن القوة التي تنبع من ضعف المقهورين هي الكفيلة بتحرير كلاهما.
من هنا تأتي الحملة لكي تخلق الحوار الذي من شأنه أن يرمم إنسانية المرأة والرجل معا، من منظومات القهر التي يفرضها المجتمع والدولة إذن، فهي مهمة مزدوجة فيها الرجل والمرأة شريكين في عملية التغيير المراد إحداثها.
للمشاركة بردود فعل على الحملة يمكن الدخول إلى موقع الجمعية على شبكة الانترنت www.wavo.org
بقلم محمود أسعد منسق أعلامي لحملة حقوق المرأة