تقرير <<التنمية البشرية>> صدر بتحفظ الأمم المتحدة: واشنطن أعاقت تقدم العرب .. وأفقدتهم الأمل
Source:
السفير حمّل تقرير <<التنمية البشرية>> في العالم العربي للعام 2004 الولايات المتحدة مسؤولية إعاقة تقدم العرب وعدم وثوقهم بالنظام الدولي، وحذر من <<الخراب الآتي>> وتداول <<قادم للسلطة>> عن طريق <<العنف المسلح>> في حال استمرار <<العجز التنموي والقهر في الداخل والاستباحة من الخارج>>.
واعتبر التقرير، الذي صدر في عمان أمس بعد طول انتظار، برغم انتقادات واشنطن والقاهرة له، أن واشنطن أسهمت في وجود بيئة دولية أعاقت التقدم من خلال سياستها تجاه إسرائيل وممارساتها في العراق. وأضاف <<يمكن الخلوص إلى أن أزمة التنمية البشرية في البلدان العربية لم تشهد بعد انفراجاً يعتد به>>.
وكانت الحكومتان الأميركية والمصرية قد انتقدتا أجزاء من مسودة التقرير، ما أدى إلى نزاع حال دون صدوره لمدة ثلاثة أشهر على الأقل. وهدد
برنامج الأمم المتحدة أواخر العام الماضي بعدم نشر التقرير بسبب عدم تلبيته <<المعايير الصارمة للاستقلالية المتوقعة من إحدى وكالات الأمم المتحدة>>. ولكن البرنامج قرر في نهاية الأمر وضع شعاره عليه مع كتابة تحفظ في المقدمة.
وكتب المدير العام لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي، مارك مالوك براون، أن <<عملية كتابة هذا التقرير مصدر تكهنات عامة، وللأسف اتخذت طابعاً سياسياً شديداً وعادة ما تكون
غير دقيقة>>. وقال، في تحفظه، إن <<بعض الآراء التي أوردها المؤلفون لا تعبر بالضرورة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أو الأمم المتحدة... ولكن هذا التقرير يعكس بوضوح غضباً وقلقاً حقيقيين في كل أنحاء المنطقة>>.
وتتحدث الأجزاء المثيرة للجدل في التقرير، الذي أعد قبل انتخابات 30 كانون الثاني في العراق، عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والاحتلال الأميركي للعراق باعتبارهما انتهاكات للحرية ومعوقات للتنمية البشرية هناك وفي المنطقة. ويوضح التقرير أن الاحتلال منح الحكومات العربية مبرراً لتأجيل عملية التحويل الديموقراطي وأجبر إصلاحيين عرباً على تحويل بعض طاقاتهم عن الإصلاح وعزز من موقف الجماعات المتطرفة التي تدافع عن العنف.
وأضاف التقرير، الذي يحمل العنوان الفرعي <<نحو الحرية في الوطن العربي>>، أن الولايات المتحدة أضرت بالنظام الدولي عندما استخدمت أو هددت مراراً باستخدام حق النقض <<الفيتو>>، ما مكن اسرائيل من إقامة مستوطنات يهودية جديدة ومواصلة بناء جدار الفصل. وأوضح أن <<ذلك دفع بالعديد من أبناء المنطقة إلى أن يفقدوا الأمل في عدالة الحكم على الصعيد العالمي وفي قدرته على إنصافهم وقد يؤدي ذلك كله إلى تغذية دوامة من العنف والعنف المضاد>>.
واعتبر التقرير، وهو الثالث من نوعه خلال خمسة أعوام، أن الاحتلال الأميركي للعراق زاد من المعاناة، نظراً لان الولايات المتحدة لم تفِ بالتزاماتها بحماية المدنيين، شهدت البلاد <<انفلاتاً أمنياً غير مسبوق>>. وأضاف أنه <<نتيجة لغزو العراق واحتلاله خرج الشعب العراقي من تحت وطأة حكم استبدادي انتهك جميع حقوقه الأساسية وحرياته ليقع تحت سلطة احتلال أجنبي زاد من معاناته الانسانية>>.
واعتبر التقرير أن رد الولايات المتحدة على هجمات 11 أيلول 2001 على واشنطن ونيويورك أضاف المزيد من الإبهام إلى الموقف الغربي تجاه حقوق الإنسان في الشرق الأوسط. وأوضح أن <<الحرب على الإرهاب اقتصت مزيداً من حريات العرب... أصبح العرب بصورة متزايدة ضحايا للتنميط والمضايقة غير المبررة أو الاحتجاز دونما سبب، وفي الوقت نفسه فإن عدداً من الحكومات في العالم العربي قد تذرعت بالخوف من الإرهاب لاتخاذ إجراءات فرضت بموجبها قيوداً أكثر تشدداً على مواطنيها>>. وتابع <<أدى لجوء بعض البلدان الغربية إلى ممارسات تعد قمعية وتمييزية خاصة بالنسبة للعرب والمسلمين إلى إضعاف موقف القوى المطالبة بالحرية والحكم الصالح في البلدان العربية>>.
وأوضح التقرير، الصادر عن المكتب الإقليمي للدول العربية لبرنامج الامم المتحدة الإنمائي (يو أن دي بي) بمشاركة الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي وبرنامج الخليج العربي لدعم منظمات الامم المتحدة الإنمائية، أن <<استمرار العجز التنموي والقهر في الداخل والاستباحة من الخارج يمكن أن يفضي إلى تعميق الصراع... وقد يلجأ بعضهم الى أشكال من الاحتجاج العنيف تتزايد معه فرص الاقتتال، ما قد يؤدي الى تداول قادم للسلطة يتأتى عن العنف المسلح>>.
وأشار معدو التقرير إلى أن <<السبيل لتلافي الخراب الآتي هو التداول السلمي الحقيقي للسلطة من خلال عملية تاريخية يتبناها الجميع... في السلطة وخارجها>>.
ووجه معدو التقرير انتقادات حادة إلى ما أسموه <<دولة الثقب الأسود>>، مشيرين إلى أن السلطة التنفيذية في الدولة العربية الحديثة <<تجسد>> هذه الظاهرة التي تحول المجال <<الاجتماعي المحيط بها إلى ساحة لا يتحرك فيها شيء ولا يفلت من آثارها شيء>>. وفي مجال تحقيق الإصلاحات، لاحظ التقرير أن <<المستقبل العربي قد يتبلور على مسار ما، بين ما يمكن أن يتمخض عنه الضغط الخارجي الذي يمكن ان يدفع موجة من الإصلاح الداخلي وبين بديل التداول السلمي العميق للسلطة>>. وشدد على أن <<إعطاء أولوية قصوى لإصلاحات ثلاثة لا تحتمل التأجيل أبرزها إلغاء حال الطوارئ والقضاء على التمييز ضد الجماعات الأخرى وضمان استقلال القضاء>>. وأشار التقرير إلى صلاحيات <<أجهزة الاستخبارات التي تفوق صلاحيات أي جهاز آخر>>، موضحاً أنها <<تمتلك موارد هائلة وتتدخل في قرارات الجهاز التنفيذي حتى أصبح من الشائع إطلاق صفة: دولة المخابرات، على الدولة العربية المعاصرة>>.
ولاحظ التقرير أيضا <<تفاوتاً بين الدول العربية في تجسيدها لهذه الملامح>>، إلا انه رأى أن <<القاسم المشترك في الأنظمة هو تركيز السلطات في قمة هرم الجهاز التنفيذي والتأكد من أن هامش الحريات المتاح (الذي يمكن تضييقه بسرعة عند اللزوم) لا يؤثر في القبضة الصارمة للسلطة>>. كما انتقد <<استخدام القضاء العادي والاستثنائي لإقصاء وتحجيم المنافسين والخصوم>>.
وشدد التقرير على انه <<في غياب شرعية مستمدة من إرادة الغالبية... تعضد بعض الأنظمة الآن شرعيتها باعتماد صيغة مبسطة وفعالة لتبرير استمرارها كونها أهون الشرور وخط الدفاع الأخير ضد الاستبداد الاصولي أو ما هو أسوأ، أي الفوضى وانهيار الدولة، وهو ما أسماه البعض: شرعية الابتزاز>>.
وأوضح التقرير انه <<مع تآكل شرعية الابتزاز هذه، تعتمد دولة الثقب الأسود على أجهزة الدعاية والتحكم وتحييد النخب ترهيباً وترغيباً والمسارعة إلى عقد صفقات مع قوى الهيمنة إقليمياً وأجنبياً>>. وندد ب<<القمع وإفقار السياسة>>، موضحاً أن <<أحزاب المعارضة تعاني، فضلاً عن قمع رسمي، مشكلات داخلية لا تقل خطورة... فالممارسة تكشف عن تسلط النخب السياسية في غالبية هذه الأحزاب>> بحيث أصبحت <<القيادات أبدية لا تنتهي غالباً إلا بالوفاة>>.
وشدد واضعو التقرير على أن <<الفساد يأخذ في بعض البلدان شكلاً بنيوياً بحيث يعتبر الاستغلال الشخصي للمنصب والتصرف في المال العام أمراً طبيعياً في العرف السائد>>، موضحين أن <<الفساد البنيوي لا علاج له إلا بصلاح جذري للبنية السياسية>>.
(أ ب، أ ف ب، رويترز)
وتتحدث الأجزاء المثيرة للجدل في التقرير، الذي أعد قبل انتخابات 30 كانون الثاني في العراق، عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والاحتلال الأميركي للعراق باعتبارهما انتهاكات للحرية ومعوقات للتنمية البشرية هناك وفي المنطقة. ويوضح التقرير أن الاحتلال منح الحكومات العربية مبرراً لتأجيل عملية التحويل الديموقراطي وأجبر إصلاحيين عرباً على تحويل بعض طاقاتهم عن الإصلاح وعزز من موقف الجماعات المتطرفة التي تدافع عن العنف.
وأضاف التقرير، الذي يحمل العنوان الفرعي <<نحو الحرية في الوطن العربي>>، أن الولايات المتحدة أضرت بالنظام الدولي عندما استخدمت أو هددت مراراً باستخدام حق النقض <<الفيتو>>، ما مكن اسرائيل من إقامة مستوطنات يهودية جديدة ومواصلة بناء جدار الفصل. وأوضح أن <<ذلك دفع بالعديد من أبناء المنطقة إلى أن يفقدوا الأمل في عدالة الحكم على الصعيد العالمي وفي قدرته على إنصافهم وقد يؤدي ذلك كله إلى تغذية دوامة من العنف والعنف المضاد>>.
واعتبر التقرير، وهو الثالث من نوعه خلال خمسة أعوام، أن الاحتلال الأميركي للعراق زاد من المعاناة، نظراً لان الولايات المتحدة لم تفِ بالتزاماتها بحماية المدنيين، شهدت البلاد <<انفلاتاً أمنياً غير مسبوق>>. وأضاف أنه <<نتيجة لغزو العراق واحتلاله خرج الشعب العراقي من تحت وطأة حكم استبدادي انتهك جميع حقوقه الأساسية وحرياته ليقع تحت سلطة احتلال أجنبي زاد من معاناته الانسانية>>.
واعتبر التقرير أن رد الولايات المتحدة على هجمات 11 أيلول 2001 على واشنطن ونيويورك أضاف المزيد من الإبهام إلى الموقف الغربي تجاه حقوق الإنسان في الشرق الأوسط. وأوضح أن <<الحرب على الإرهاب اقتصت مزيداً من حريات العرب... أصبح العرب بصورة متزايدة ضحايا للتنميط والمضايقة غير المبررة أو الاحتجاز دونما سبب، وفي الوقت نفسه فإن عدداً من الحكومات في العالم العربي قد تذرعت بالخوف من الإرهاب لاتخاذ إجراءات فرضت بموجبها قيوداً أكثر تشدداً على مواطنيها>>. وتابع <<أدى لجوء بعض البلدان الغربية إلى ممارسات تعد قمعية وتمييزية خاصة بالنسبة للعرب والمسلمين إلى إضعاف موقف القوى المطالبة بالحرية والحكم الصالح في البلدان العربية>>.
وأوضح التقرير، الصادر عن المكتب الإقليمي للدول العربية لبرنامج الامم المتحدة الإنمائي (يو أن دي بي) بمشاركة الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي وبرنامج الخليج العربي لدعم منظمات الامم المتحدة الإنمائية، أن <<استمرار العجز التنموي والقهر في الداخل والاستباحة من الخارج يمكن أن يفضي إلى تعميق الصراع... وقد يلجأ بعضهم الى أشكال من الاحتجاج العنيف تتزايد معه فرص الاقتتال، ما قد يؤدي الى تداول قادم للسلطة يتأتى عن العنف المسلح>>.
وأشار معدو التقرير إلى أن <<السبيل لتلافي الخراب الآتي هو التداول السلمي الحقيقي للسلطة من خلال عملية تاريخية يتبناها الجميع... في السلطة وخارجها>>.
ووجه معدو التقرير انتقادات حادة إلى ما أسموه <<دولة الثقب الأسود>>، مشيرين إلى أن السلطة التنفيذية في الدولة العربية الحديثة <<تجسد>> هذه الظاهرة التي تحول المجال <<الاجتماعي المحيط بها إلى ساحة لا يتحرك فيها شيء ولا يفلت من آثارها شيء>>. وفي مجال تحقيق الإصلاحات، لاحظ التقرير أن <<المستقبل العربي قد يتبلور على مسار ما، بين ما يمكن أن يتمخض عنه الضغط الخارجي الذي يمكن ان يدفع موجة من الإصلاح الداخلي وبين بديل التداول السلمي العميق للسلطة>>. وشدد على أن <<إعطاء أولوية قصوى لإصلاحات ثلاثة لا تحتمل التأجيل أبرزها إلغاء حال الطوارئ والقضاء على التمييز ضد الجماعات الأخرى وضمان استقلال القضاء>>. وأشار التقرير إلى صلاحيات <<أجهزة الاستخبارات التي تفوق صلاحيات أي جهاز آخر>>، موضحاً أنها <<تمتلك موارد هائلة وتتدخل في قرارات الجهاز التنفيذي حتى أصبح من الشائع إطلاق صفة: دولة المخابرات، على الدولة العربية المعاصرة>>.
ولاحظ التقرير أيضا <<تفاوتاً بين الدول العربية في تجسيدها لهذه الملامح>>، إلا انه رأى أن <<القاسم المشترك في الأنظمة هو تركيز السلطات في قمة هرم الجهاز التنفيذي والتأكد من أن هامش الحريات المتاح (الذي يمكن تضييقه بسرعة عند اللزوم) لا يؤثر في القبضة الصارمة للسلطة>>. كما انتقد <<استخدام القضاء العادي والاستثنائي لإقصاء وتحجيم المنافسين والخصوم>>.
وشدد التقرير على انه <<في غياب شرعية مستمدة من إرادة الغالبية... تعضد بعض الأنظمة الآن شرعيتها باعتماد صيغة مبسطة وفعالة لتبرير استمرارها كونها أهون الشرور وخط الدفاع الأخير ضد الاستبداد الاصولي أو ما هو أسوأ، أي الفوضى وانهيار الدولة، وهو ما أسماه البعض: شرعية الابتزاز>>.
وأوضح التقرير انه <<مع تآكل شرعية الابتزاز هذه، تعتمد دولة الثقب الأسود على أجهزة الدعاية والتحكم وتحييد النخب ترهيباً وترغيباً والمسارعة إلى عقد صفقات مع قوى الهيمنة إقليمياً وأجنبياً>>. وندد ب<<القمع وإفقار السياسة>>، موضحاً أن <<أحزاب المعارضة تعاني، فضلاً عن قمع رسمي، مشكلات داخلية لا تقل خطورة... فالممارسة تكشف عن تسلط النخب السياسية في غالبية هذه الأحزاب>> بحيث أصبحت <<القيادات أبدية لا تنتهي غالباً إلا بالوفاة>>.
وشدد واضعو التقرير على أن <<الفساد يأخذ في بعض البلدان شكلاً بنيوياً بحيث يعتبر الاستغلال الشخصي للمنصب والتصرف في المال العام أمراً طبيعياً في العرف السائد>>، موضحين أن <<الفساد البنيوي لا علاج له إلا بصلاح جذري للبنية السياسية>>.
(أ ب، أ ف ب، رويترز)