العنف ضد المرأة بمصر.. موروث أم قصور قانون؟
بالتزامن مع حالة من تزايد العنف السياسي في مصر منذ عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي، فإن هناك جانبا آخر للعنف يعاني منه المجتمع المصري كشفت عنه دراسة حديثة صدرت عن المجلس القومي للمرأة تؤكد أن 28% من السيدات المصريات يتعرضن للعنف الجسدي أو اللفظي، ما أثار تساؤلات حول أسباب هذه النسبة المرتفعة.
ووفقا للدراسة التي أجريت على 13500 سيدة في 27 محافظة مصرية فإن معدلات العنف الممارس ضد المرأة في تزايد مستمر عن الأعوام السابقة، كما أظهرت أيضا أن أقسى أنواع العنف هو العنف الجسدي الواقع على المرأة المتزوجة من قبل زوجها.
وبعد محاولات عديدة، نجحت الجزيرة نت في الوصول إلى إحدى السيدات اللاتي تعرضن للعنف على يد الأزواج، وهي "إيمان" المقيمة بمحافظة الغربية والمتزوجة من "عبد الله" الذي يعمل سائقا حيث تحدثت عن عنف جسدي تتعرض له بشكل شبه يومي بعدما أنجبت لزوجها ست فتيات ولم يقدر لها الله أن تنجب ذكورا.
وتقول إيمان البالغة من العمر 35 عاما إنها تتعرض دائما للضرب والتوبيخ خصوصا عندما يمر الزوج بضائقة مالية وأحيانا دون سبب، وكانت نتيجة هذا العنف "كسر ذراعي فضلا عن إصابات متفرقة في الوجه والجسد".
موروث "رجعي"
ورأت عضو المجلس القومي للمرأة د. نهاد راجح أن العنف ضد النساء قضية مجتمعية لها أبعاد اقتصادية وثقافية ونفسية متعلقة بحقوق الإنسان وليس قضية تتعلق بالنساء فقط، وقالت للجزيرة نت إنها توصلت من خلال الدراسات التي قامت بها إلى أن العنف ضد المرأة المصرية يرجع بالأساس للموروثات الثقافية الرجعية المتفشية في المجتمع بالإضافة للأوضاع الاقتصادية السيئة.
وأضافت د. نهاد -وهي إحدى الباحثات القائمات على هذه الدراسة- أن الدراسة الأخيرة التي شاركت فيها كشفت عن تزايد معدلات العنف عن الأعوام السابقة، مرجعة ذلك لتأزم الأوضاع المصرية بشكل عام، مؤكدة أن العنف الجسدي تحديدا يمارس ضد المرأة المصرية المتعلمة وغير المتعلمة أيضا.
وتابعت أن الدراسة كشفت عن الانتشار الواسع للانتهاكات الزوجية في مصر، فقد أفاد أكثر من ثلاث من كل خمس نساء متزوجات بأنهن تعرضن لشكل ما من أشكال العنف الأسري النفسي، كما أقر ما يقرب من أربعة من كل خمسة رجال متزوجين بأنهم مارسوا شكلا من أشكال العنف النفسي والجسدي على زوجاتهم.
وأوصت الباحثة في ختام حديثها بضرورة تطوير إستراتيجية إعلامية لمناهضة العنف ضد النساء تستند إلى الحق الإنساني في العيش دون التعرض للعنف.
"قصور" قانوني
في المقابل، شككت مستشارة اليونسكو لشؤون المرأة والطفل د. عبلة إبراهيم في النتيجة التي توصلت إليها الدراسة الصادرة عن المجلس القومي للمرأة، معللة ذلك باعتماد الباحثات في هذه الدراسة على مبحوثات ينتمين إلى الطبقة المتوسطة والفقيرة.
وأضافت د. عبلة للجزيرة نت أن المشكلة الحقيقية وراء العنف ضد المرأة المصرية ترجع إلى عدم وجود تشريعات وقوانين كافية تحفظ حقوق المرأة بالإضافة إلى الموروثات الثقافية والمجتمعية التي رسّخت للنظرة الدونية للمرأة والتي تقف حائط صد أمام تطبيق هذه التشريعات.
وأشارت إلى أن بعض من وصفتهم بـ"تجار الدين" يقدمون خطابا يحض علي العنف ضد المرأة و"هذا الخطاب يجد ترحيبا من جانب الجهلاء، وفي الوقت نفسه نفتقد إلى خطاب ليبرالي مناهض للخطاب الديني المتطرف".
واعتبرت مستشارة اليونسكو في ختام حديثها أن الحل الوحيد أمام المرأة يكمن في تحقيقها للاستقلال الاقتصادي عن الرجل لأن تغيير الموروث الثقافي يحتاج إلى نضال طويل الأمد.