المملكة العربية السعودية: من حقها أن تقود و لو كره المرجفون

Source: 
http://www.allahem.net

يبدو بأن الجماعة (قلطواعلى القانون بعد أن كانوا يحرمون بيع كتبه أو قراءتها ، و هو كما قلتُ في تدوينة سابقة أمرٌ جيد و تطور سيفيد الجميع ، و يجمعنا على المحجة القانونية حيث المرجع النص القانوني لا أراء الرجال .

قضية قيادة المرأة للسيارة ؛ الجديدة القديمة ، و التي كان اخر فصولها اعتقال الاخت منال الشريف بتهمة (قيادة السيارةو من ثم بدأت حملة من(الجماعة أياهم الذين يعارضون قيادة المرأة و يعارضون كل شيء تقريباً ما عدا زواج المسيار و زواج القُصر و نحوه ، و هدف تلك الحملة التلبيس على الناس بأن قيادة المرأة للسيارة مخالفة قانونية ، طبعاً لأنهم فقدوا الأداة التي كانوا يستخدمونها في السابق وهي التحريملأنه ما فيه عاقل يمكن أن يقتنع بأن امساك المرأة لمقود سيارة او دباب او سيكل محرم شرعاً عندها قال الجماعة أياهم ما بدهاش نقلب قانون فحاولوا أن يشرعنوا اعتقال الاخت منال الشريف و يبيعوه على الناس ، بما أن القوم يريدون القانون ؛ فإني هنا سأتحدث عن القانون نصاً و روحاً
أولاالنظام الأساسي للحكم سقف الأنظمة )
معروف أن النظام الأساسي للحكم تعتبر نصوصه نصوصا (دستوريةتسموا على كافة النصوص القانونية لأنه صادر بأعلى أداة قانونية في البلد وهو (الأمر الملكي و بالتالي لا يجوز أن يخالف أي قانون في البلد مهما كانت درجته ؛ أحكام النظام الأساسي للحكم ، خلينا نشوف ماذا يقول النظام الأساسي للحكم (الدستور المكتوب للدولة ) :
المادة ٣٨:(العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على نص شرعي أو نص نظامي ، ولا عقاب إلا على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي .)معنى النص السابق أنه لا يمكن أن توقع عقوبة جنائية على كائن حي داخل سيادة الدولة إلا اذا كان هناك نص شرعي (قطعي الدلالة قطعي الثبوتاو نص نظامي يجرمه ، فعندنا نوعان من الجرائم وفق المنظومة الجنائية في السعودية الأولى الحدود وهي تلك الجرائم التي حدد الشارع لها عقوبة بالنص مثل السرقة و الزنا و غيرها يعني السلوك محدد و ايضاً العقوبة محددة ، و النوع الثاني :التعازيرو هي تلك المحرمات الشرعية التي نص الشارع على تحريمها لكنه لم يحدد لها عقوبة ، مثل الرشوة و شهادة الزور وخلافه و هي ما تسمى بالتعازير حيث أن تجريم السلوك ثابت بنص قطعي الدلالة قطعي الثبوت يعني الرشوة محرمة لكن الشارع ما قال الي ياخذ رشوة اسجنوه او اجلدوه حيث أن العقوبة تركها الشارع لولي الأمر (الدولةفيمكن سن قانون يحدد عقوبتها و هو ما فعلته الدولة في بعض الجرائم التعزيرية مثل الرشوة والتزوير و العدوان على المال العام و جرائم المعلومات و غيرها.
لكن ما يجي لنا عضو الهيئة و يمسك واحد لأنه كان يأكل أيسكريم في الشارع و أن أكل الايسكريم مخل بالمرؤة و بالتالي يستحق (لاعق الايسكريم) التعزير لأن الهيئة لا تملك سلطة التجريم فهي فقط تملك سلطة(تطبيق النص القانوني) و ليس ( تشريع النص القانوني ) وهو الأمر الذي ينطبق على كافة جهات الضبط الجنائي .
طيب ؛ بعد ذلك العرض وانه لا يجوز أن يجرم شخص إلا بناء على نص شرعي او نظامي ولا يجود نص شرعي او نظامي يجرم قيادة المرأة لشيء سواء كان سيارة او طائرة او حمار فما هو السند القانوني لإيقافها ؟ بينما هي مارست عملاً مباحاً شرعاً و نظاماً .
مادة (٢٦):(تحمي الدولة حقوق الإنسان، وفق الشريعة الإسلامية .) و من ابسط حقوق الانسان حقه في التنقل و حقه في المساواة امام القانون و حقه في الاختيار ، و على فكرة ترى حكاية (وفق الشريعة الاسلامية ليست كما يروج لها بعض أخواننا الاسلاميين بأنها تعني وفق (فتوى) او (رأي ) او (جمجمة ) شيخ بعينه ، بل هي تعني قواعد الشريعة الاسلامية بمقاصدها العامة و قواعدها الكلية ، لأن النظام الأساسي للحكم تعتبر نصوصه نصوصا دستورية ، و معروف ان النص الدستوري يُقرأ بشكل عام لأنه يعطي رؤية عامة وليست تفصيلية كبقية الأنظمة ، فالشريعة الاسلامية هنا لا تعني بالضرورة فتوى (حجاب ابو عين ولا (تحريم الطبل على الطاولة و لا (تحريم عمل المرأة كاشيرة )لأن تلك هي أراء و فتاوى لأناس غير ملزمين بأرائهم دنيوياً و لا اخروياً ، و سوف نأتي على التكييف القانوني للفتوى من خلال هذه التدوينة .
قبل ما نغادر هذه النقطة نعيد الفكرة الرئيسية لها أي نص قانوني يصدر من أي جهة بالمخالفة لقواعد حقوق الانسان يعتبر باطلا قانونياً لأنه ببساطة يخالف النظام الأساسي للحكم "
مادة (٣٦):(توفر الدولة الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها، ولا يجوز تقييد تصرفات أحد أو توقيفه أو حبسه إلا بموجب أحكام النظام . )طبعاً منع المرأة من قيادتها لسيارتها هو تقييد لتصرفاتهاو بالتالي يخالف نص المادة السابقة لأنه لا يجوز تقييد تصرف اي كائن حي إلا بموجب النظام ، و لا يجود نظام يقيد تصرفات المرأة من خلال منعها من قيادة سيارتها ،
ثانياً :
تعميم وزارة الداخلية :
كثير من الاخوة المعارضين لقيادة المرأة للسيارة يُرهب الناشطات بتعميم وزارة الداخلية بمنع المرأة من قيادة السيارة و الذي صدر عام ١٤١١هـ وهو من الناحية القانونية منسوخ بصدور النظام الأساسي للحكم عام ١٤١٢هـ و ذلك من خلال المواد التي ذكرتها ، كما أن انضمام المملكة لإتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة السيداوعام ٢٠٠٠ م يعزز توقف الاثار القانونية لتعميم وزارة الداخلية بشأن منع المرأة من قيادة السيارة بمجرد صدور النظام الأساسي للحكم و انضمام السعودية للسيداو.
ثالثاً:
الاتفاقيات الدولية :
مثل ما قلت سابقا إن اتفاقية السيداو تمنع أي تمييز ضد المرأة و بالتالي فإن منعها من استخراج رخصة قيادة او منع من تملك رخصة قيادة دولية من استخدامها داخل الأراضي السعودية يعتبر مخالفة و خرق للاتفاقية المذكورة .
و معلوم في القانون الدولي أن مجرد توقيع دولة ما على اتفاقية فإنها تصبح جزء من نسيجها التشريعي وهو ما تؤكده المادة ٨١ من النظام الأساسي للحكم و التي نصت على : 
لا يخل تطبيق هذا النظام بما إرتبطت به المملكة العربية السعودية مع الدول والهيئات والمنظمات الدولية من معاهدات وإتفاقيات ).
يعني ان تطبيق احكام النظام الأساسي للحكم يجب الا يخل بما ارتبطت به الدولة من اتفاقيات دولية أي لا بد أن يكون هناك انسجام ما بين نصوص النظام الاساسي و تلك الاتفاقيات و التأكد على عدم التعارض ، مع ان نصوص النظام الأساسي للحكم أعلى درجة في سلم الهرم التشريعي السعودي و بالتالي فإن ما دونها اولى  ، فيجب الا تخالف نصوص التشريعات اي اتفاقية دولية وقعت عليها الدولة ، هذا ما يقوله النظام بحذافيره لمن يريد أن يحتكم إلى النظام و القانون .
بالنسبة لتحفظ المملكة على ما يخالف الشريعة فهو مرهون بما ذكرته سابقاً بأن المقصود  بالشريعة الإسلامية هي المقاصد العامة للشريعة و القواعد الكلية الثابتة بنصوص قطعية الثبوت قطعية الدلالة ، عشان كذا اخونا في الله زيد الحسين نائب رئيس هيئة حقوق الانسان يقول في تقريره امام اللجنة الخاصة بمتابعة الدول الموقعة على السيداو عام ٢٠٠٨
"للنساء حقوق مشابهة لحقوق الرجال ولا يمكن المساس بها"، وأوضح بأن"العلاقة بين الرجل والمرأة قائمة على أساس التكامل والتناسق". وكان التقرير قد ذكّر بأن القوانين في المملكة مستمدة من تعاليم القرآن والسنة وأن هذه القوانينتُحرم التمييز بسبب العرق او الجنس او اللون أو اية وسيلة تمييز أخرى." 
 يعني فيه كلام يقال لنا ، و فيه كلام يقال للناس الي بالخارج و،  طبعاً نحن لن نكون أعرف بالشريعة و لا بالقانون و لا بحقوق الانسان من زيد الحسين و هو قال بعظمة لسانه بأنه ( لا يوجد تفريق بين رجل و أمرأة )اذاً لماذا أُوقفت منال الشريف ؟
 
رابعاًالفتاوى  
الفتوى هي في النهاية رأي لحكم من أحكام الدين من شخص يحمل المُكنة الشرعية لأن يبين حكم الله في مسألة من المسائل الدينية ، لكنها ليست ملزمة و هذا ما يفرق بين الفتوى و النص القانوني  ، حيث أن الفتوى غير ملزمة بينما النص القانوني ملزم ، و جميع من درس القانون يتذكر اول درس في القانون الذي يتحدث عن خصائص القاعدة القانونية و أنها عامة – مجردة ملزمة، فكثير ممن يعارض قيادة المرأة يقول أنه فيه فتاوى من بعض المشائخ و يعددهم وهو أمر صحيح لكن الجواب عن ذلك ببساطة أن تلك الفتاوى ليست ملزمة لأحد ؛ لا الدولة و لا الافراد ، فالقانون هو وحده الذي يحدد علاقة البشر في الحياة الدنيا ، أما قضايا الاخرة فأمرها أخر .
حتى فتاوى هيئة كبار العلماء لا تعبتر بمنزلة القوانين الملزمة ، فهي جهة إفتاء و حسب و ليست جهة تشريع ، حيث أن جهات التشريع في الدولة هي مجلس الوزراء و مجلس الشورى ، و هو ما نص عليه النظام الأساسي للحكم ، يعني لا زال الكلام في إطار (النظام ) الذي بدأ بعض القوم يتحدث عنه .
طبعاً انا ما نسيت نظام المرور والباب الرابع لأنه ابسط و اسهل و اوضح من أن يسلط الضوء عليه  ؛ فلو كان المشرع يريد منع المرأة من القيادة ؛ لنص عليه في نظام المرور لأن النظام موجه للمكلفين نساء و رجالاً و نظام المرور هو الوعاء القانوني الذي يمكن أن تُحسم فيه مسألة منع المرأة من قيادة السيارة ، و حيث لم يرد فيه نص واضح و حيث أن القاعدة الفقهية المعروفة تنص على أن ( السكوت عند الحاجة إلى البيان ؛ بيان ) فهذا يدل بأن الحكم باق على أصله و هو الإباحة .

ختاماً
فيه كثير من الأكاذيب تردد ، و تردد ، و مع تكرارها تصبح حقائق ، مع أنها اكاذيب  ، لذا يجب ألا نؤجر عقولنا لغيرنا ليفكر لنا لأن الله وهب لنا عقلاً يمكن لنا ان نستخدمه دون حاجة لأن يشرح لنا الاخرين طريقة تشغيله .
 
ملاحظة :
عزيزي بن عاقول لا تحسب أني قد نسيتك فأنت في قلبي و لي عودة معك و عودة مفصلة بأمر الله تعالى