فلسطين: كاتبة فلسطينية تطالب المجتمع الدولي بالتدخل للإفراج عن مدون متهم بالإلحاد

المصدر: 
www.aafaq.org

طالبت كاتبة فلسطينية دول الإتحاد الإوروبي والولايات المتحدة واليابان بالضغط على السلطة الفلسطينية من أجل إطلاق سراح المدون وليد الحسيني المتهم بالالحاد. ودافعت زينب رشيد عن حق الحسيني في التعبير عن آرائه واستغربت قيام سلطة علمانية بالقبض عليه واعتبرت ذلك مناقض للدستور ولبيان الاستقلال.

وقالت رشيد في مقال بعنوان "دفاعا عن الله": "أطالب الاتحاد الاوروبي أولا بوصفه المانح الأكبر وكذلك الولايات المتحدة واليابان بالضغط الفوري على السلطة لإطلاق سراح الشاب وليد الحسيني".

وجاء في المقال "إن سيارات الشرطة التي اعتقلت الشاب، مقدمة كمنحة للسلطة من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وبقية الدول المانحة، وكذلك رواتب عناصر الشرطة ولباسهم ومقراتهم، والسجن الذي يقبع به وليد الحسيني يتلقى مصروفاته من تلكم الجهات، وكذلك فان المحكمة "العسكرية" التي ستحاكم وليد الحسيني قائمة بأموال الدول المانحة، ولاني على ثقة بأن الاتحاد الاوروبي لا يقدم المساعدات لسلطة تقمع مواطنيها وتكمم أفواههم ولا تحترم حريتهم في الاعتقاد وحريتهم في التعبير عن أراءهم وأفكارهم".

وأثنت الكاتبة على مدونة "نور العقل" الخاصة بالحسيني ووصفت ما تحتويه بـ"أفكار مكتوبة تحتاج لافكار أخرى تواجهها وتنقضها، وليس الى حبل مشنقة، أو زنزانة أو دعوات قمعية أخرى".

وقالت رشيد "اذا رأى من اعتقله ومن يدعو الى معاقبته، بأن اسلوب العقاب هو الأسلوب الوحيد الذي يفيد في مثل حالة وليد الحسيني، فان أفكار وليد تكون قد وصلت الى مبتغاها، وهو أن النص الديني عاجز عن مواجهة من ينتقد هشاشته الا بالسيف والحرق والنفي والمطاردة قديما، والقمع والسجن والاعدام حديثا. هل تتذكرون الراحل محمود محمد طه الذي أعدمه رئيس السودان المؤمن جعفر نميري بعد فتوى واعظه حسن الترابي؟".

ووصفت رشيد كتابات الحسيني بأنها "نقدية مسالمة لا تتجاوز حدود حق التعبير عن الافكار والأراء الذي كفله ميثاق حقوق الانسان والمواثيق الاخرى ذات الصلة"، واعتبرت ادعاء الحسيني للألوهية في صفحته الملغاة على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بأنه "ادعاء أدبي مباح".

وفيما يلي نص المقال:

هناك نكتة متداولة في الشارع الفلسطيني ملخصها أن زوجة تتحدث مع زوجها وهو يؤدي صلاته فيرد عليها بعصبية بالغة قائلا: لا تتكلمي معي أثناء الصلاة، فأنا حتى الله لا أعرفه وأنا أصلي. هذه نكتة من مئات النكت المتداولة في الشارع الفلسطيني خاصة والعربي عامة، أفضلها لا تبقي لله و في الله شيئا محصنا الا واخترقته، أو مقدسا الا ودنسته، أو عاليا ساميا إلا وأنزلته الى مادون قاع الأرض وحطت من قيمته.

بعيدا عن مجال النكتة والابتسامة الساخرة، وقريبا جدا من واقعنا اليومي فان الله ورسوله وكتبه هم عنوان دائم للشتم واللعن والسب على لسان الكبار والصغار خاصة من الذكور، فمنذ زمن بعيد لم يعد لعن الله ورسوله يثير الدهشة والاستغراب. فهذا رب أسرة انزعج من ابنه فأنزل الله من ملكوته وهو يهوي على ابنه ضربا بلا رحمة، وهذا مواطن امتعض من قيام جيرانه بالتنظيف أمام منزلهم ورش المياه فأتت بضع قطرات ماء طائشة على سيارته فلم يجد بدا من استحضار الله ليكيل له اللعنة تلو الأخرى، وهذا عامل عائد بعد أن فشل في عبور الجدار العازل للعمل داخل الخط الأخضر، وبما انه ليس بوسعه فعل شيئ لمن بنى الجدار فان أسهل الأمور عنده هو لعن الله وكل ماهو مرتبط به.

فلسطينيا، لا أحد يحاسب قائل النكتة، بل على العكس نجد أن الجميع يضحك بعد سماعهم للنكت التي تسخر من الله ورسوله والاديان جميعها، كما أن لا أحد يتخذ موقفا من الأشخاص الذين يلعنون الله في ذهابهم وايابهم ولأتفه الأسباب، وان كان لا بد من اتخاذ موقف من كل من يلعن الله فان الجميع سيتخذ موقف من الجميع، لأن لعن الله هي ظاهرة فلسطينية بامتياز، ولا أعلم ان كانت ظاهرة عربية أيضا.

لو قررت السلطة الفلسطينية اعتقال كل من يتجاوز على الله ورسوله لكان لزاما عليها أن تعتقل أغلب الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتهم أركان السلطة ذاتها من وزراء ومدراء ادارات، ورؤساء أقسام وقبل هؤلاء قادة الأجهزة الأمنية وضباطها ومنتسبيها فهم أكثر من يلعن الله ورسوله جهارا نهارا، وعادة ما يقولون لمن يريدون اعتقاله أو التحقيق معه تعال معنا والا "بلعن ربك" أو اعترف والا "بلعن الهك" أو "سأريك الله بالألوان".

الشاب وليد الحسيني ليس من الصنف الاول ولا الثاني، فهو لا يردد النكت التي تسخر من الله ودينه، و لا يلعن الله لأتفه الأسباب. انه شاب متزن ذو أخلاق رفيعة وسمعة حسنة في محيطه، أو هكذا على الأقل يصفه من يعرفه من جيرانه وأبناء مدينته، قبل أن "يندهشوا" لما بدر منه من كتابات نقدية لموضوع الدين والله، ويطالبون بعد ذلك أجهزة السلطة بانزال اقسى العقوبات بحقه وأغلبهم طالب باعدامه حتى يكون عبرة لمن لا يعتبر. جميع أو أغلب من يطالب بمعاقبته واعدامه هم من أبناء ظاهرة لعن الله كيفما وأينما وحيثما كان!!

مدونة الشاب وليد الحسيني يدل اسمها "نور العقل" على محتواها، فهو يسجل رحلته في البحث عن حقيقته، ويكتب مقالات عن الالحاد، ويقدم الله كما هو في الفكر الاسلامي، ويذكر ما يراها تناقضات وأخطاء في القرآن والسنة، ويتحدث عن شخصية نبي الاسلام وزوجاته، ويرد بقلمه فقط على ما يعتبره ادعاءات المسلمين وما يسمونه الاعجاز في القرآن، وهو لا يوجه نقده للدين الاسلامي فقط، بل للأديان بشكل عام، لذلك نجد في مدونته بضعة مقالات في نقد المسيحية، وهذه هي العناوين الرئيسية لما تحويه مدونته.

اذا هي افكار مكتوبة تحتاج لافكار اخرى تواجهها وتنقضها، وليس الى حبل مشنقة، أو زنزانة أو دعوات قمعية أخرى، واذا رأى من اعتقله ومن يدعو الى معاقبته، بأن اسلوب العقاب هو الأسلوب الوحيد الذي يفيد في مثل حالة وليد الحسيني، فان أفكار وليد تكون قد وصلت الى مبتغاها، وهو ان النص الديني عاجز عن مواجهة من ينتقد هشاشته الا بالسيف والحرق والنفي والمطاردة قديما، والقمع والسجن والاعدام حديثا. هل تتذكرون الراحل محمود محمد طه الذي أعدمه رئيس السودان المؤمن جعفر نميري بعد فتوى واعظه حسن الترابي؟

المثير للدهشة والغرابة في آن واحد، ان سلطة علمانية تقودها حركة علمانية أو هكذا يُفترض بها أن تكون تلقي القبض على شخص بتهمة الالحاد والتعبير عن أراءه بمسألة الأديان، في نقض واضح وفاضح وصارخ لدستورها العتيد ولبيان الاستقلال الذي حض وشدد على حرية المعتقد وحرية الرأي والتعبير طالما انها تتم بوسائل سلمية، أم ان هذه الخطوة جاءت لتحشيد الناس؟ في مجاراة لسلطة الأمر الواقع القابضة على أنفاس أهل قطاع غزة والتي لا تجد دائما ما يغطي عوراتها ونقائصها وعيوبها وجرائمها إلا المتاجرة بالدين، وتكفير كل من ينتقد سياستها "الرشيدة".

سيارات الشرطة التي اعتقلت الشاب، مقدمة كمنحة للسلطة من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وبقية الدول المانحة، وكذلك رواتب عناصر الشرطة ولباسهم ومقراتهم، والسجن الذي يقبع به وليد الحسيني يتلقى مصروفاته من تلكم الجهات، وكذلك فان المحكمة "العسكرية" التي ستحاكم وليد الحسيني قائمة بأموال الدول المانحة، ولاني على ثقة بأن الاتحاد الاوروبي لا يقدم المساعدات لسلطة تقمع مواطنيها وتكمم أفواههم ولا تحترم حريتهم في الاعتقاد وحريتهم في التعبير عن أراءهم وأفكارهم، فاني أطالب الاتحاد الاوروبي أولا بوصفه المانح الأكبر وكذلك الولايات المتحدة واليابان بالضغط الفوري على السلطة لإطلاق سراح الشاب وليد الحسيني.

كتابات الحسيني كلها نقدية مسالمة لا تتجاوز حدود حق التعبير عن الافكار والأراء الذي كفله ميثاق حقوق الانسان والمواثيق الاخرى ذات الصلة، أما اذا أرادت السلطة ومن وراءها جماهيرها التعامل مع تلك المقالات على انها تمس ما يؤمنون به وتخدش أحاسيسهم الايمانية، فعليهم أولا اسكات كل مكبرات الصوت في مساجدهم التي لا تبقي ولا تذر للأخرين وأديانهم والدعاء عليهم. يبقى ادعاء الحسيني للألوهية في صفحته الملغاة على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" فهو لا يعدو كونه ادعاءا أدبيا مباحا، وهو ان كان قد أحدث تلك الضجة فانه تاليا يطرح مليون سؤال وسؤال حول امكانيات وقدرات الاله "الحقيقي" العظيم العزيز القدير الذي ترتعد فرائصه من اله شاب لا حول ولا قوة له إلا قلمه مثل وليد الحسيني.

الى اللقاء