العراق:لمحات من حياة أرامل عراقيات

Source: 
BBC Arabic

ادت اعمال العنف المستمرة التي يشهدها العراق، والحروب التي خاضها الى زيادة كبيرة في عدد الارامل بحيث تجاوز المليون ارملة، حسبما توضح الارقام الرسمية. تحدثت البي بي سي العربية الى عدد من الارامل في العراق، وطلبت منهن ان يروين تجاربهن في الحياة، والمشكلات التي يعانين منها، وما يتطلعن اليه لمواجهة هذه المشكلات.

 

 الهام مهدي ربة بيت في بغداد (42 عاماً

أقوم بدور الام و الاب معا لأربعة اطفال اصبحوا ايتاما بعد موت زوجي بسبب انفجار الحافلة التي كانت تنقله الى عمله. خرج يعمل كبائع متجول في سوق الشورجة في بغداد الساعة الثامنة صباحا، وانتهى عمره في غضون نصف ساعة. حصلنا على تعويض من الحكومة لا يعوض فقدان أربعة اطفال لابيهم الحنون. كما نحصل على راتب كل ستة اشهر لا يكفي لسد احتياجاتنا. هنالك منظمة أهلية اسمها رابطة صاحب الزمان& تابعة للسيد علي السيستاني تصرف لأطفالي راتبا شهريا، وتوزع لهم الملابس وقت العيد، وعند بدء الدراسة توزع علينا الدفاتر المدرسية، كما تنظم لنا بعض الرحلات. لكن ظروف حياتنا قاسية، وبحاجة لدخل اكبر لمواجهة احتياجات اربعة اطفال.

رزان عثمان محمد - موظفة في بغداد (29 سنة)

بعد قصة حب دامت عشر سنوات، تمكنت دقيقة من الزمن من ان تأخذ زوجي مني. في عام 2008 تعرضت لحادث انا وزوجي وطفل يتيم من اقاربه، كان يبلغ من العمر خمس سنوات، عند ذهابنا الى السوق حيث انفجرت عبوة ناسفة. وعندما جاء المسعفون لنجدتنا وقع انفجار آخر من قبل انتحاري بحزام ناسف، الامر الذي فقدت معه الوعي، ودخلت بعض الشظايا الى جسدي. اجريت خمس عمليات جراحية حتى الآن بسبب ما تعرضت له، أما الطفل فقد اصبح معوقا لا يستطيع السير. توفى زوجي مباشرة اثناء نقله الى المستشفى جراء الشظايا التي اصيب بها في رأسه. ولمدة ثلاثة اشهر لم أعلم ان زوجي قد توفى حيث نصح الاطباء اهلي الا يخبروني بوفاته لان حالتي كانت خطرة. اعيش حاليا في بيت اهلي، وانفق من راتبي الخاص. ارى نفسي في وضع افضل من غيري لانه ليس لدي اطفال. لكن ماذا عن النساء الصغيرات في العمر ممن لديهم أطفال، من الذي سيتولى اعالتهم؟ المفروض ان تلتفت الحكومة لهذه الشريحة من الارامل التي تجاوزت المليون ارملة، وتخصص لهن رواتب كافية بدلا من ان تنفق الملايين على الحراسات والنواب.

نهلة النداوي - استاذة بجامعة بغداد (44 سنة

أكبر معاناة اتذكرها في حياتي هو يوم دفن زوجي حيث لم اتمكن من اطلاق العنان لحزني أو صدمتي . كانت امامي ايضا معضلة أبني المصاب بأضطراب التوحد، والذي لا يستطيع احد التعامل معه الا أنا أو والده. كان زوجي محمد طبيبا جراحا لاجئا في ألمانيا، لكن بعد تغيير النظام في عام 2003 رجع الى العراق مباشرة. وفي منتصف شهر ابريل/نيسان 2007 وقع انفجار على جسر الجادرية ببغداد ادى لسقوط الكثير من القتلى، وكانت هناك عشر جثث متفحمة، ومن بين هذه الجثث كانت جثة زوجي. اعتاد أسيد، ابني، ان ينام كل يوم على صدر والده، وعلى وقع دقات قلبه. لذلك شعر من اليوم الاول بمعاناة فقدان الاب. حيث بقى اياما كثيرة يلبس ملابسه ويجلس في خزانة الملابس. لكن الشئ الايجابي الذي تركته وفاة والده عليه هو ان الصدمة شكلت له حافزا لمواجهة الحياة. أشعر أن زوجي الراحل يعيش دائما معنا. كان مفكرا وكاتبا ورساما، ولهذا فقد مات جسديا فقط ولكن انجازاته باقية. للخروج من ازمتي تحديت نفسي، وبمساعدة الاصدقاء بدأت اعمل عملا ثانيا وكذلك عملت على تدريب الارامل على فن الحياة بعد الازمة. وفي الواقع كنت ادرب نفسي لاني لم استطع تجاوز أزمتي. ونظرا لانني أرملة وام لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة فأنا احتاج الى مؤسسة تتعامل مع قضية ابني بشكل علمي متطور كيتيم، وكطفل ذي احتياج خاص.

عدوية مطر حسين - النجف (40 سنة)

فقدت زوجي وانا حامل بابنتي التي تبلغ الآن السادسة من العمر، واصبحت يتيمة الاب قبل ان تخرج للحياة. قتل زوجي في عام 2004 اثر خلافات عائلية وترك لي ابنتين لأتكفل بهما وحدي. طالبت بحق زوجي ولكن لم يسعفني أحد من الحكومة او من الاهل. كانت الحكومة ضعيفة جدا في ذالك الوقت والكل يخاف ان يتدخل في الشؤون العائلية، لذلك قررت ان اسكت واعيش مع ابنتي في سلام. مصدر رزقي الاول من الناس الطيبين الذين يحسنون لي بين فترة وأخرى. والمصدر الثاني من عملي كمنظفة لقاعات الاعراس والمناسبات في مؤسسة جمعية المرأة . قدمت طلبا للحصول على أعانة من الحكومة لكن حتى هذه اللحظة، وبعد مرور ست سنوات على وفاة زوجي، لم احصل على شئ. والسبب هو ان المعاملات الادارية تذهب الى بغداد وتحتاج الى المتابعة التي لا اتمكن منها لعدم وجود المال لدي. أيجار البيت الذي اعيش به، المكون من غرفة واحدة فقط، يأخذ اكثر من نصف راتبي. أعيش الآن مع ابنتي ومع ابن اخي الذي يبلغ من العمر 35 سنة، وهو يتيم الام والاب ولديه شلل كامل. لا افكر بالزواج حفاظا على بناتي، وبسبب قلقي على ابن اخي الذي قد لا يتحمله الزوج الجديد. نريد من الحكومة شيئا واحدا فقط، وهو قطعة ارض صغيرة لكي نبني به ابسط بيت يحتوينا انا وعائلتي.

هدى عبد الحافظ - (37 سنة) -

بغدادأنا أم لأربعة أطفال كان والدهم يعمل سائقا لسيارة اجرة حيث خرج يوما للعمل ولم يعد. وعثر عليه بعد اربعة ايام في مستشفى الطب العدلي، وكانت اثار التعذيب ظاهرة على جثته. التقرير الجنائي ذكر ان سبب القتل هومحاولة لسرقة السيارة، وتم غلق الملف كأنهم يخافون من التحقيق في الموضوع . لكني اعتقد ان التطرف الطائفي الذي كان سائدا وقتها هو الذي ادى الى قتله وتعذيبه في عام 2007. أعيش الآن مع أطفالي في بيت مستأجر مكون من غرفة واحدة فقط بعد ان تم تهجيري من البيت السابق. استلم راتبا بسيطا من الحكومة يبلغ 150 ألف دينارشهريا لا يكفي لسد أيجار البيت وحده الذي يكلف 200 ألف دينار شهريا. ولكن حتى هذا الراتب لم نستلمه لمدة ستة أشهر في الوقت الحالي الى ان يتم تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، الامر الذي أوقف كل المعاملات الخاصة بصرف رواتب الارامل و اليتامى.أعمل من داخل منزلي بسبب صغر سن اطفالي، وأقوم ببيع الخبز وبعض الاطعمة للجيران. وهذا العمل يساعدني ماديا و يبقيني مع اطفالي في البيت في مكان أمن بعيدا عن الحوادث والمفخخات. لا افكر بالزواج مرة أخرى أبدا. لقد جربت حظي، والآن اطفالي هم مسؤوليتي. السكن هو المشكلة العظمى لدي اذا كانت الحكومة قادرة على حل هذه الازمة ستوفر الكثير من المال لي ولأطفالي.

ماجدة - البصرة (60 سنة)

أدى فشل محاولة هجرة زوجي من العراق الى ألمانيا في عام 1995 الى صدمة تسببت في وفاته، والنتيجة ان خسرنا كل شيء: العمل والبيت والمال. في هذا العام كانت ظروف العراق صعبة جدا حيث كنت اعاني في عملي من بعض المشكلات بسبب عدم انتمائي لحزب البعث. قررنا الذهاب الى الاردن ولم نتمكن من الحصول على تأشيرة الدخول الى ألمانيا. نظرا للظروف الصعبة هناك رجعنا الى العراق بادئين من الصفر حيث اشترينا بيتا واثاثا بسيطا. لكن بعد مرور سنة توفى زوجي بعد ضغوط شديدة عليه. حاليا اسكن وحيدة في بيتي، وأعمل في خياطة الملابس في بعض الاحيان، وكما يقوم اهلي بمساعدتي ماليا. بدأت بأستلام راتب الارامل بعد ان قام احد العاملين في المجلس البلدي المحلي بتقديم طلب بذالك. كل الارامل والمطلقات اللاتي يعشن في منطقتي يستلمن رواتبهن بسبب مساعدة هذا الرجل الطيب لهن.

الاربعاء, 28 يوليو/ تموز