المغرب: تقرير أظهر ارتفاع معدلات العنف الجسدي ضد الزوجات

Source: 
Al Arabia

 

الرباط - حسن الأشرف
كشف تقرير أصدرته "الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة" بالمغرب عن تزايد حالات العنف الجسدي ضد الزوجات، إذ بلغت نسبة الاعتداءات الجسدية عليهن نحو 22% من قضايا العنف الحاصلة بالمغرب بشكل عام في 2007.

ويشمل هذا الصنف من العنف، وفق التقرير، الضرب والجرح والحرق ومحاولة القتل، والقتل، والتبول على المرأة، وتعريتها من اللباس ومنعها من النوم.
وسجلت إحصائيات سابقة لوزارة العدل المغربية ارتفاعا كبيرا في قضايا الضرب والجرح المفضي إلى الموت، من دون نية إحداثه، إذ تجاوزت 290%. وارتفعت نسبة العنف الناتج عنه عجز مؤقت إلى 541%، ثم الضرب والجرح المفضي إلى عاهة مستديمة بنسبة 242%.

وعزا مراقبون السلوك العدواني الخطير لرجال تجاه زوجاتهم، والذي يبلغ حد التهديد بالقتل أو إحداث عاهة دائمة فيهن، إلى إصابة المعتدين بأمراض نفسية منها الرهاب الاجتماعي، إلى جانب التأويل الديني الخاطئ، بشكل يناسب هواهم وعدوانيتهم.
وجاء في تقرير الجمعية النسائية المغربية أن العنف من طرف الزوج أو الخطيب أو "الصديق" أو الطليق يمثل أكثر من 92% من حالات العنف ضد النساء، معظمها من قبل الزوج، فيما تعود نسبة المعتدين الباقين إلى المدير أو الجار أو حالات مشابهة.

وقالت بشرى عبده، عضو المكتب الوطني للرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، في حديث لـ"العربية.نت" إن ظاهرة العنف الجسدي ضد النساء و خاصة الزوجات تسجل نسبة عالية في عدد الحالات التي تتوافد على شبكة مراكز الرابطة "إنجاد"، يليها العنف الاقتصادي والنفسي و القانوني في الدرجة الثانية.

ولخصت أصناف العنف الجسدي الممارس ضد الزوجات بالضرب والركل والتهديد بالإيذاء والقتل، وهو لا يستثني فئة عن فئة أخرى، "بل تعانيه المرأة كيفما كان موقعها الاجتماعي ومستواها التعليمي"، مضيفة أن "مرتكب العنف قد يكون ذلك الأمي والاسكافي والدكتور والمهندس والإعلامي".
واستعرضت عبده حالات يستقبلها مركز الإيواء "تيليلا" التابع للرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة يوميا، منهن نساء مطرودات من بيت الزوجية ومهددات بالقتل، حتى أصبحن ينتظرن الموت في أية لحظة على يد المعنّف، بعدما تحولت حياتهن جحيماً نتيجة للعنف الكبير المُمارس عليهن.

وسردت بشرى عبده حالة "ن.ف" (35 سنة)، وتعرضت للضرب الزوجي حتى فقدت عينها اليمنى. فقد كان الزوج يمارس العنف الهمجي عليها وعلى أطفالها الثلاثة، حتى صارت الطفلة الكبيرة تتبول مرتعدة كلما سمعت صوتا عاليا. وهربت الأم مع أطفالها من البيت بعد تهديدها بالسلاح الأبيض من قبله.

وتصف حالة أخرى، كان يقوم زوج بتقييد زوجته بالحبل، ثم يضربها حتى يسيل الدم منها، مهدداً إياها بالقتل بشكل متكرر.

وأكدت الناشطة الحقوقية أنه من المساعدات المقدمة لمثل هؤلاء الزوجات المعنفات الاستماع لهن، والإرشاد القانوني، والدعم النفسي، والإيواء ومتابعة الملف القانوني أمام المحاكم، والبحث عن سكن، وعمل لتجد المرأة في الأخير نفسها مستقلة بنفسها وحاضنة لأطفالها من الضياع.
وقال الأخصائي والمعالج النفسي عبد المجيد كمي، في حديث لـ"العربية.نت"، إن ضرب الزوج لزوجته وتعنيفها لدرجة إيذائها جسديا أو قتلها أو تهديده بتصفيتها، عائد إلى الخلط الحاصل في فهم الرجل لدور المرأة ودوره كرب للبيت وقوامته على زوجته، وأيضا إلى التأويل الخاطئ لضرب الزوجة في الإسلام.

وعزا تزايد العنف الزوجي المسلط على المرأة إلى عامل المخدرات والخمر، حيث إن أغلب حالات قتل الزوجة أو الضرب المفضي إلى الموت يكون وراءها التخدير أو الخمر.

ويستعرض كمي عوامل حاسمة أخرى، منها الغضب الشديد الذي يعمي بصيرة الزوج، وأيضا الأمراض النفسية المنتشرة حيث يعاني 14 مليون مغربي من أمراض نفسية معينة، من بينهم 8 ملايين يعانون من الاكتئاب، مضيفا أن الزوج المصاب مثلا بداء "الرهاب الاجتماعي" يغلب عليه ميول حادة لتعاطي الخمر، وحين يتجاوز "الحدود" ينقلب سلوكه إلى عنف.

يُذكر أن الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة تطالب بحق النساء المُعنفات في ضمان المساعدة الاجتماعية، وأن تتحمل الدولة مسؤوليتها إزاءهن وأطفالهن في العلاج الصحي والنفسي، فضلا عن إصدار قانون للمساعدة الاجتماعية وتوفير مراكز إيواء حكومية لهن ولأطفالهن عند الحاجة.