بانوراما: النساء عبر العالم

Source: 
أمان
بقلم: سوزان بركات

يحتفل العالم في الثامن من آذار من كل عام بيوم المرأة العالمي، وقد كرست هذه المناسبة لتذكر بطولات المرأة في ديمومة صراعها المستمر لانتزاع حقوقها المتناثرة هنا وهناك ، والتي تعود في الاصل الى نشأة الافكار المغلوطة عن دور المرأة ومكانتها في الحياة العامة، متوافقة مع الارث الثقيل الذي نحمله على اكتافنا الخاص بالعادات والتقاليد و محاولة ربط الاديان في هذا الصراع غير المتكافئ، حيث بات لازما علينا العمل على تحليل منظومة العادات والتقاليد التي باتت تتحكم بنا وبسلوكياتنا ونعطي للجميع حقوقه. سقنا هذه المقدمة البسيطة لنستعرض معاً ما تم تحقيقه خلال العام الفائت وتحديدا من تاريخ هذه المناسبة للعام الماضي ولغاية تاريخها هذا العام.
على الصعيد المحلي

توالت الجهود المحلية في الاردن التي تبذل من اجل ابراز قضايا المرأة امام الرأي العام، فخلال المنتدى الإقتصادي العالمي الذي عقد في البحر الميت 19/5 وبحضور شخصيات قيادية عالمية اطلقت جلالة الملكة رانيا تعريفاً جديدا للشباب كما عقدت حلقة نقاشية حوارية بين النساء العربيات والغربيات، وفي نفس اعمال المؤتمر تم اطلاق تقرير "التقدم الاقتصادي للمرأة في الأردن"، الذي اظهر بان نسبة مشاركة المرأة الاقتصادية لا تزيد من 12% وهي نسبة منخفضة مقارنة بمثلاتها في دول المنطقة.

ودعت جلالتها في جلسة حوارية اخرى مع مؤسسات عربية وعالمية على ضرورة تغيير التشريعات والاطر القانونية التي تخدم القضايا الاجتماعية في المجتمعات العربية مشيرة الى دور الاعلام في احداث التأثير وتغيير الاتجاهات.

تابعت المنظمات الحقوقية والنسوية اهتمامها بحقوق المرأة السياسية وتحديدا في مجالي الانتخاب والترشيح فخلال حزيران من العام الفائت بدأ العمل في وضع آليات لتعزيز تمثيل المرأة في المجالس المنتحبة.

وشهدت المملكة اكثر من حدث خاص بالمرأة، فقد اختارت الامم المتحدة الاردن لاطلاق كتيب "النساء والانتخابات" في 24/5 /2005 تقديراً للجهود الأردنية المبذولة في هذا المجال، والكتيب يتضمن نظرة شاملة لواقع المرأة والانتخاب ويشمل على ستة فصول تتعلق بالحواتب القانونية التي لها تأثير على الانتخابات وقوانين والاحزاب السياسية وقضايا التعليم ووظائف الهيئات الانتخابية. واستمرت الجهود المنظمات النسوية من اجل اقرار كوتا نسائية في المجالس البلدية، وما زالت قيد المتابعة والاهتمام من قبل العديدين.

كما اطلق تقرير لمؤسسة فريدم هاوس حول "حقوق المرأة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا" دعوا من خلاله الى تحقيق المساواة الكاملة والعدالة للمرأة مع الرجل على مبدأ المواطنة والعدالة.

واعلن في الاردن عن انشاء الشبكة الإعلامية العربية للتنمية الإنسانية التي تهدف الى الارتقاء بالمجتمعات العربية ونشر الثقافة التي تدعم تقدم المرأة العربية.

كما شهدت الاردن اطلاق تقرير التنمية الانسانية الذي جاء فيه تقارير عن محدودية المشاركة السياسية للمرأة العربية، واكد على ان مجالات الانجاز قليلة رغم تصاعد الجهود للاعلاء من شأن المرأة العربية، في حال عدم انصاف القوانين لحقوق النساء، حيث تقف القوانين الحالية عاجزة عن حماية النساء من العنف العائلي ناهيك عما يجري في مناطق النزاع المسلح كالسودان والصومال والعراق.

وتم ترشيح اربع سيدات اردنيات لنيل جائزة نوبل للسلام ضمن مشروع منظمة الف امرأة لجائزة نوبل للسلام، ويتأتي اختيار هؤلاء الناشطات انسجاما واهداف خدمة السلام العالمي وقضايا الدفاع عن حقوق الانسان عامة وحقوق النساء خاصة، اضافة الى حقوق الطفل والمحافظة على البيئة.

بعد سنوات عدة وبعد الجهود التي بذلتها بعض مؤسسات المجتمع المدني، في مجال تقديم خدمات ايواء النساء المعنفات فقد جرى العمل على اعداد النظام الداخلي لدار حماية الاسرة، وتم اقراره وافتتاح مقر الدار، وتعتبر هذه الدار هي الاولى على المستوى الرسمي في المملكة وهي تابعة لوزارة التنمية الاجتماعية.

في الجانب الاخر هناك عدد من القضايا العالقة التي تحتاج لمزيد من الجهد من اجل تعديلها والسعي لاصدار تشريعات منصفة تضمن حقوق النساء وتحافظ على كرامتهن الانسانية، ففي ندوة عقدها المجلس الوطني لشؤون الاسرة والمركز الوطني لحقوق الانسان واليونيسيف حول مشروع قانون معدل لقانون اصول المحاكمات الشرعية للعام 1959، ذكر المشاركون/ات فيه الى هناك تباطؤ في اقرار المشروع الذي يتضمن بند خاص بانشاء المكاتب الاسرية.

وبقيت هناك قضايا ما زالت عالقة وتحتاج الى اتخاذ اجراءات فورية لحلها، على رأسها قضية الموقوفات الاداريات، حيث جاء في احدى التحقيقات الصحفية لاحدى الصحف المحلية بانهن يأثرن الحرية على حساب حياتهن الشخصية.

كما وجدنا من خلال تفحصنا للارشيف الصحفي للعام الفائت، زيادة الاهتمام وتسليط الضوء على قضايا العنف الأسري وتأثيراتها على تقدم نمو الأسرة وعدم تمكين المرأة واستثمار قدراتها.

ونشر تحقيق في جريدة العرب اليوم حول ظاهرة "الزواج المبكر" سلط الضوء على هذه الظاهرة حيث اشار الى ان 15% من عدد الزيجات الكلي في المملكة لفتيات تحت السن القانوني لعام 2004، وهنالك 623 قضية تفريق لفتيات اقل من 20 عاماً رفعت ايضا في عام 2004 و230 قضية خلال النصف الأول من العام الحالي 2005.

على المستوى العربي

الحدث الابرز على المستوى العربي للعام الفائت كان اقرار حق النساء الكويتيات في ممارسة حقوقهن السياسية من خلال الترشح والانتخاب في المجلس النيابي والمجالس البلدية، حيث صوت للقرار خمسة وثلاثون صوتاً مقابل ثلاثة وعشرون صوتا معارضا وغياب نائب واحد، وقد شاهدنا فرحة الانتصار في عيونهن عند الاقرار، وتلى القرار بعد شهر تقريبا دخول اول امرأة كويتية في التشكيل الوزاري الجديد، حيث ادت الوزيرة القسم وسط صراخ المعترضين، بالرغم من تعثر تجربة الكويت وطولها الا الامر يستحق العناء والمثابرة، فصحوة المرأة ومطالبتها بممارسة حقوقها الممنوحة لها في الدساتير والقوانين والشرائع السماوية توسعت وامتدت للعديد من النساء في الدول العربية وربما الغربية رغم ان النساء الغربيات سبقن النساء العربيات بخطوات كبيرة الا انها تجربة تستحق الاهتمام وتسليط الضوء عليها.

وتلتها المملكة السعودية حيث سمحت للنساء بالترشح لمجلس ادارة العرف الصناعة والتجارة لاول مرة في تاريخ المملكة، بالفعل تم ذلك الا الانباء التي وصلت الينا كانت تدل على عدم الاهتمام بالتجربة ودعمها من قبل الافراد هناك، لكنها تجربة مهمة بحد ذاتها وستفتح الباب امام العديد من التطورات ومزيد من الحريات هناك.

كما تم البناء على تجربة البحرين في ادخال المرأة ضمن التشكيل الوزاري من خلال ادخال سيدة اخرى ضمن الطاقم الحكومي الملكف، كما امتدت التجربة للاحزاب وتحديدا ذات التوجهات الدينية حيث عين حزب الله اللبناني امرأة في مجلسه السياسي لاول مرة في تاريخ الحزب المتمدة لاكثر من ثلاثة عقود.

كما اثارت قضية امامة الدكتورة امينة ودود للمصلين في امريكا، العديد من الاجتهادات وتحديدا الرافضة منها لامامة النساء للمصلين، وتناولت العديد من وسائل الاعلام القضية لعدة اسابيع عبر استضافة رجال الدين وطرح القضية للنقاش امام الرأي العام، وقد شاهدنا الدكتورة امينة وهي تدافع عن قيامها بذلك منطلقة من ممارسة حقها في الامامة، وطريقة اسيتائها وهي والعديد من النساء عندما كان يتم دخولهن من الباب الخلفي للمسجد بدلا من الامامي بحجة انه مخصص للرجال فقط.

اتسم قرار العاهل المغربي بمنح الجنسية لابناء المرأة المغربية بالشجاعة لانه انصف نضالات النساء المغربيات اللاتي لم ينفكن يوما بالمطالبة بحقوقهن والدفاع عنها، كما انه جاء وسط مطالبة النساء العربيات جميعهن بمساواتهن بالرجال في قرار منح الجنسية.

اضافة الى اخبار متفرقة هنا وهنالك تتناول ابرز المشاكل التي تواجه المجتمعات العربية، فاليمن تعاني من ظاهرة "الزواج السياحي" وكذلك "ظاهرة الزواج المبكر"، وهما الان في اطار العمل على ايجاد الحلول المناسبه لهاتين القضيتين والحد منهما.

وخبر يتعلق بترشيح الاديبة الدكتورة نوال السعداوي لرئاسة الجمهورية في مصر، في حين كان القرار الترشيح يخص الحزب الحاكم هناك، وقالت السعدواي بانها تريد من خلال هذا القرار احداث حراك اجتماعي وسياسي للشعب الذي تعود على نمط قيادي وحيد لعقود، وقد اعلنت بعد ذلك انسحابها.

واخبار اخرى تتعلق بقلق وخوف النساء العراقيات من عدم شمول الدستور العراقي على ما يحترم ويقر حقوقهن الانسانية وتحقيق مساواتهن بالرجل العراقي، وهو قلق في مكانه ما دام العراقيون منقسمون ولا يستطيعون التوصل لحل مشترك لاوضاع الصعبة التي يعيشها الشعب العراقي، وهذا ينعكس بدوره على النساء اللاتي يعانين من عدم الاستقرار الامني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي واثره على تفكك الاسرة وغياب دورها في المشهد العراقي.

اما بشأن ما تتعرض له النساء تحت سطوة الحروب والنزاعات الطائفية فلم تكن هناك تغطية خاصة، فالنساء في فلسطين والعراق ودارفور يتعرضن لانتهاكات مستمرة لحقوقهن الانسانية والحط من كرامتهن، ويقتلن يوميا اما برصاص المحتل واما من خلال نقص الخدمات الاولية التي يحرمن منها.

على مستوى العالم

كان خلال العام المنصرم اكثر من حدث يستحق الوقوف عنده وتتبع نتائجه، ففي الهند ما زال يتم وأد الإناث الامر الذي ينذر بنهاية الزواج هناك، حيث انخفضت نسبة الاناث من 945 انثى لكل الف ذكر في عام 1991 الى 927 اثنى في عام 2001 وهي اقل نسبة تسجل في العالم وفق احصاء للسكان اجرته الحكومة هناك، وكأننا في نعيش في عصور الظلام والجاهلية الاولى، بالرغم من التقدم العلمي الهائل ووسائل التكنولوجيا الحديثة واندماج النساء في كافة الانشطة ما زالت بعض الدول غارقة في جهلها ونظرتها الدونية للنساء ولادوراهن.

وارتفعت نسبة اغتصاب النساء في الولايات المتحدة بزيادة 5% عن المعدل الطبيعي لها، الامر الذي ينذر بكارثة انسانية تحل على النساء حتى في الدول المتقدمة والدول صاحبة النفوذ، وهي على النقيض من الهند، وكأن الجميع يتفق على ان النساء هن الخطر وهن سلعة متاحة امام تصرف الجميع.

وتوالت الاحداث التي تحط من قدر النساء في العالم، فبنجلادش تتصدر قائمة الدول في العالم التي فيها اعلى ارقام القضايا المسجلة بالعنف المقترن بالقاء مادة حمضية على النساء، وهناك من حاولت طلب الطلاق من زوجها ادى بها الامر الى فقدانها انفها وشفتيها في باكستان.

بالرغم من ذلك فقد حاولت النساء الحصول على حقوقهن حتى لو كنا في خريف العمر، فالنساء الكوريات اللاتي تم استغلالهن جنسيا اثناء الحرب العالمية الثانية، طالبن الحكومة اليابانية بالاعتذار لهن عن فترات العبودية والاستغلال الجنسي الذي اخضعن له.

واختيرت مختاران ماي امرأة العام، لشجاعتها ومقاومتها العنف ورفض الصمت حول حادث الاغتصاب الجماعي الذي تعرضت له على مرأى من افراد قبيلتها، على خلفية علاقة شقيقها بفتاة من نفس العشيرة، في حين اعتبرت المكسيك اجبار الزوجة على الجماع جريمة اغتصاب.

وشهدت افريقيا لاول مرة في تاريخها تولي امرأة رئاستها هي "ايلين جونسون" التي توصف بالمرأة الحديدة ولها تاريخ حافل بالانجازات هناك، وفي المانيا انتخبت السيدة انجيلا ميركل مستشارة اتحادية وهي ايضا اول امرأة تصل الى هذا المنصب في تاريخ المانيا.

لعل هذه الاطلالة السريعة على احداث العام الفائت تضع امام اعيننا عدد من القضايا والمسائل العالقة والتي تحتاج الى متابعة حثيثة ومشتركة من الجميع، علينا عدم اغفال ما تتعرض له النساء ومطالبتهن بالتنحي جانباً لاعطاء المجتمع مساحة اكبر للحديث عنهن او فرض سيطرته والتحكم بمصائرهن.

ملاحظة: تم الاستعانة لتحضير هذه المادة بالارشيف الصحفي الخاص بمكتبة المعهد الدولي لتضامن النساء.